للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى سنة ست وسبعين قصر مد النيل، فحصل الغلاء والفناء.

وفى سنة ثمان وسبعين أبطل ما كان يؤخذ على أصحاب المغانى من رجال ونساء، وأبطل القراريط، وهى ما كان يؤخذ إذا باع أحد ملكه، وذلك على كل ألف درهم عشرون درهما.

وفى تلك السنة سار السلطان الأشرف للحج إلى بيت الله الحرام، فلما وصل إلى العقبة ثارت عليه المماليك، ففر راجعا إلى القاهرة، واختفى فى دار امرأة بالجودرية إلى أن قبض عليه، فأخذ وخنق فى سادس ذى القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وكسر ظهره، ووضع فى زنبيل، وألقى فى بئر، ثم أخذ ودفن فى مدرسة أمه.

وكان ذا حرمة وعظمة، ومعرفة بالأمور. وولى فى أيامه الكثير من أولاد الناس المناصب السامية، والوظائف الجليلة، وافتتح عدة مدن، وأنشأ مدرسة برأس الصوة تجاه القلعة، عرفت بالمدرسة الأشرفية، ثم هدمت فى مدة سلطنة فرج بن برقوق، ثم أنشئ فى محلها المارستان المؤيدى فى أيام السلطان المؤيد شيخ، ولم يبق منها إلاّ باب واحد موجود عند تكية الأعجام، فى جهة الرميلة إلى الآن، وهو فى غاية الحسن والإتقان.

وكان يوم قيام المماليك على الأشرف، فى جهة العقبة، أشيع فى القاهرة موته، فأقيم فى السلطنة بعده ابنه على علاء الدين سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، ولقب بالملك المنصور.

***

[سلطنة الملك المنصور علاء الدين بن السلطان شعبان]

ولما تولى الملك المنصور السلطنة، كان عمره سبع سنين، وتولى النيابة المقر السيفى آقتمر الصاحبى الشهير بالحنبلى، وطشتمر المحمدى الشهير باللفاف أتابك العسكر.

ولصغر سن السلطان ارتبكت الأمور، واضطربت الأحوال، ووقعت حروب آلت إلى عزل النائب والأتابك، وتولية الأمير آينبك البدرى أتابك العسكر، وكان رأس العصبة، فلما تولى أخذ فى العزل والتولية.

وسجن بعض الأمراء، وقتل البعض، وأسكن بعض مماليكه فى مدرسة السلطان حسن، وبعضهم فى مدرسة السلطان شعبان برأس الصوة، واستبد بالأمور، وبلغه أن عمال الشام رفعوا راية العصيان، فجهز إليهم جيشا جرارا، وخرج إليهم مع السلطان، وفى أثناء الطريق هرب بعض الأمراء، ورجع إلى مصر، وتحشد مع كثير من الأمراء وغيرهم. فلما بلغ أتابك ذلك