ومما أكد الرغبة فى مينا إسكندرية تنظيمها وأمن السفن بها من فعل الرياح المختلفة، وذلك بسد المينا من جهة الغاطس بجسر عريض من الدبش والصخور الصناعية، ممتد بين جزيرة رأس التين والعجمى، وجعل طريق فيه لسلوك السفن الواردة إلى المينا والصادرة منها، ولتسهيل الشحن والتفريغ جعل فى دائرها من ابتداء مرسى الإنكليز، الواقع على شريط السكة الحديد من جهة القبارى، إلى الحوض المبنى فى الترسانة، وطول محيط ذلك ٢٦٦٤ مترا، ولأجل ذلك أيضا عمل مولص من الدبش والصخور، وممتدّ فى المينا من ابتداء مرسى الإنكليز المذكور إلى جهة رأس التين، فى طول ٩٩٠ مترا، وعرض ٢٧ مترا، ولأجل وقاية السفن التى ترسو خلف الأرصفة من الأهوية مع تسهيل نقل البضائع إلى محل الجمرك على أشرطة السكة الحديد التى وضعت عليه.
فهذه الأعمال كلها محاسن الأفكار الخديوية، لأنها فضلا عن تنظيم المينا وجعلها فى صورة حسنة ينشأ عنها الحصول على أرض متسعة فى دائر المينا، تتمكن الحكومة من أن تبنى فوقها ما هو لازم لمصالحها: كديوان الجمرك والسانتا وما أشبه ذلك، مع زيادة السهولة وقلة المصرف على التجار فى نقل بضائعهم، فلذلك ازدادت رغبتهم فى مينا الإسكندرية، وصرفوا النظر عن التحول إلى غيرها. لأن العاقل لا يؤثر على/جهة نفعه غيرها، سيما وقد ملكوا فى الثغر أملاكا عظيمة تحملهم على ملازمتها، مع كثرة منتزهات تلك المدينة والمزايا الخاصة بها كطيب الهواء، ووجود الماء العذب، وكثرة المزارع على تعدد أنواعها من رياحين وخلافها مما يحمل كل إنسان على حب التردد إليها، وتسريح طرفه فى محاسنها.
وأيضا قد ترتب على هذه الأعمال، وعلى وجود الفنارات التى جعلت فى ساحل المينا وفى أماكن كثيرة من سواحل القطر، من أبى صير غربى العجمى إلى بورت سعيد، وعلى