للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قد عمر بالقلعة الدهيشة، واستدعى لها من دمشق وحلب ألفى حجر أبيض وألفى حجر أحمر، وحشرت الجمال لحملها، حتى وصلت إلى قلعة الجبل، وصرف فى حمولة كل حجر من حلب اثنى عشر درهما ومن دمشق ثمانية دراهم، وجمع لها الرخام والصناع من سائر الجهات، وبلغ مصروفها خمسمائة ألف درهم.

***

ثم تولى أخوه الملك الكامل سيف الدين شعبان فى منتصف ربيع الثانى من السنة المذكورة، فأساء السير، وصار يخرج الإقطاعات بمال معلوم، ويصادر أرباب الوظائف، ويأخذ أموالهم قهرا، وقبض على جماعة من الأمراء، واعتقل أخويه، وهما حاجى وحسين ولدا الناصر فى محل من الدهيشة، وأراد أن يبنى عليهما موضعا يكون قبرا لهما، وهمّ بالقبض على بعض الأمراء، فقاموا عليه، وخلعوه، وحبس مكان أخويه إلى أن قتل وكانت مدته سنة وشهرا.

***

وبويع بعده أخوه حاجى المذكور، فجلس على سرير السلطنة سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ولقب بالملك المظفر، وكانت ولادته بطريق الحجاز فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ولذا سمى حاجى، وكان قبيح السيرة، يؤثر صحبة الأوباش على أرباب الفضائل، وانهمك فى اللعب، وكان أشد قسوة من أخيه، فساءت حالته، واحتال على الأمراء فجمعهم بالقلعة، وقتل بعضهم، واعتقل البعض، فنفرت منه القلوب، وقام عليه باقى الأمراء، وقاتلوه حتى أمسكوه وذبحوه، ودفن فى تربة عند الباب المحروق. وكانت مدته سنة وثمانية شهور، ولكن قتل فى هذه المدة اليسيرة كثيرا من الأمراء وغيرهم، وكان يلبغا اليحياوى لما بلغه ما فعله بالأمراء هرب إلى الشام، لأنه كان نائبا بها، فوجه له بعض المماليك فقتلوه، وبعثوا برأسه إليه، فعلقها على باب زويلة.

***

[السلطنة الأولى للملك الناصر حسن ابن الملك الناصر محمد بن قلاوون]

ثم تولى بعده أخوه الملك الناصر بدر الدين أبو المعالى حسن بن الناصر محمد بن قلاوون فى رابع عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وعمره ثلاث عشرة سنة، فعهد إلى الأمير منجك اليوسفى بالوزارة، وجعله استادار الديار المصرية، فنقص كثيرا من مصروف الدولة والرواتب، ومديده لأخذ الرشوة، وصار يولى الوظائف بمال يأخذه ممن يتولاها