للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلاصة ما كان لهم من الرسوم فى ذلك أن يركب قاضى القضاة بهيئته المقررة، ومعه الشهود والمؤذنون والقراء يطربون بالقراءة، وبين يديه الشمع المحمول إليه موقودا؛ من كل جانب ثلاثون شمعة، كل واحدة منها سدس قنطار، ولغيره من الشمع الواحدة والاثنتان والثلاثة، كل بحسب المقرر له، فيمشون من أول شارع فيه دار القاضى إلى باب الخلافة، وقد اجتمع من العالم فى وقت جوازهم ما لا يحصى، فيسيرون إلى باب الخليفة، ويحضر صاحب الباب، ووالى القاهرة، والقراء والخطباء، فيترجلّون تحت منظرة الخليفة، ويخطبون، وينصرفون بعد أن يسلم عليهم من الطاقة أستاذ دار الخلافة استفتاحا وانصرافا، ثم يركب الناس إلى دار الوزارة، فيجلس إليهم الوزير فى مجلسه، ويسلمون عليه، ويخطب الخطباء ويدعون له ويخرجون، فيشق القاضى والجماعة القاهرة، وينزل بالجامع الأزهر، والجامع الأقمر والجامع الأنور بالقاهرة، والطيلونى والعتيق بمصر، وجامع القرافة، والمشاهد التى تضمنت الأعضاء الشريفة، وبعض المساجد التى لأربابها وجاهة، ويصلى فى كل مسجد ركعتين، ويقدم للناس الحلواء والأطعمة والبخور فى مجامر الذهب والفضة، ويوقد فى المساجد الشموع والقناديل الكثيرة، فكان المرتب للجامع العتيق برسم وقوده خاصة فى كل ليلة أحد عشر قنطارا ونصف قنطار من زيت الزيتون، ولغيره من المساجد شئ كثير كل بحسبه.

وبالجملة فكانت هذه الليالى الأربع من أبهج الليالى وأحسنها، يحشر الناس لمشاهدتها من كل أوب، فيصل إليهم فيها أنواع من البر، وتعظم فيها ميرة أهل الجوامع والمشاهد.

[[جامع والدة العزيز وقصرها ومنظرة السكرة]]

وبنت والدة العزيز، وهى الست تغريد، جامع الأولياء بالقرافة، قبلى الإمام الليث وقصرا بجواره، وقد زال كل ذلك من زمن بعيد، ومحله الآن حوش لدفن الموتى يعرف بحوش أبى على.

وبنت أيضا الدار المعروفة بمنازل العز، وكانت تشرف على النيل، وصارت معدة لنزهة الخلفاء، وهى التى صارت فيما بعد مدرسة عرفت بمدرسة منازل العز، وقد تكلمنا عليها فى المدارس من هذا الكتاب، وبيّنا مواضعها فى الكلام على ساحل النيل.

وبنى العزيز أيضا منظرة السكرة على بر الخليج الغربى، كان يجلس فيها الخليفة يوم فتح الخليج، وكانت قنطرة السد يومئذ هى قنطرة عبد العزيز بن مروان، ومحلها بموضع منزل الست الشماشرجية بحارة السيدة زينب ، ومنظرة السكرة حيث منزل المرحوم حسن باشا راسم من طريق القصر العالى الذى صار الآن ملكا لأحمد باشا كمال كما تقدم.

وكانت هذه المنظرة جميلة الموقع فى بستان أنيق، يحيط بها البساتين من كل جانب.