وعلى يمين داخل الباب الثانى خلاو للخدمة والزوار، وعلى اليسار إيوان كبير به جملة قبور، وتجاه ذلك الإيوان باب للمقصورة المعدة للصلاة وهى صغيرة بها بائكتان وعمودان من الرخام ومنبر ودكة.
وهو مقام الشعائر وله إيراد فى ديوان الأوقاف، ومطهرته تملأ من ماء النيل بواسطة مواسير تجلب من وابور الماء بعوض يصرف من طرف ذات العصمة والدة الخديو، وله منارة قصيرة وسبيل يملأ كل سنة.
وبداخل المسجد قبر المرحوم عثمان أغا أغات البنشارية وكان فى حياته قد أجرى عمارة بهذا المسجد؛ ففى تاريخ الجبرتى من حوادث سنة خمس وعشرين ومائتين وألف: أن عثمان أغا المتولى أغات مستحفظان اجتهد فى عمارة هذا المسجد، وكان قد أهمل زمن دخول الفرنسيس وتخرّب المشهد وأهيلت عليه الأتربة، فعمّره وزخرفه وبيضه وعمل به سترا وتاجا للمقام، ونادى على أهل الطرق الشيطانية المعروفين بأرباب الأشاير وهم السّوقة وأرباب الحرف المرذولة وينسبون أنفسهم للأحمدية والرفاعية والقادرية والبر هامية ونحو ذلك. فاجتمعوا بأنواع الطبول والمزامير والبيارق والشراميط والخرق الملوّنة حتى ملئوا النواحى والأسواق وساروا ولهم صياح ونياح وجلبة وصراخ هائل ويتجاوبون بالصّلوات والآيات التى يحرفونها وأنواع التوسلات ونداء أشياخهم بأسمائهم كقولهم:
يا هو يا هو يا جباوى يا بدوى يا دسوقى يا بيومى. كل ذلك والأغا راكب معهم والفقهاء والمتعمّمون والطبول تضرب والستر المصبوغ مركب على أعواد من الخشب، وحوله الرجال والنساء والصبيان يتمسحون به ويتبركون، ويرمون عليه الخرق والطرح حتى أنهم يرخونها من الطيقان بالحبال إلى ذلك التمثال لتحصيل البركة، ولم يزالوا سائرين على هذا النمط والخلائق يزدادون حتى وصلوا إلى ذلك المشهد خارج البلد بالقرب من كوم الجارح حيث المجراة، وصنع فى ذلك اليوم وتلك الليلة أطعمة وأسمطة للمجتمعين وباتوا على ذلك إلى ثانى يوم، انتهى.
[ترجمة زين العابدين]
ومشهد سيدى على زين العابدين ﵁ الآن عليه قبة جميلة، وفوق الضريح مقصورة من الخشب مرصعة بالصدف والعاج عملها له الأمير قفطان باشا، وله مولد كل سنة ثمانية أيام فى شهر صفر وهناك قبور كثيرة وحيشان وزاوية صغيرة أنشأها الخديو إسماعيل باشا سنة خمس وسبعين. وسيرة زين العابدين وأوصافه الحميدة أشهر من أن تذكر لشحن بطون الكتب بتقريرها وتحبيرها نظما ونثرا.