مصر، ووصلت لأن تجعل أمر تولى الوارث للملك بمعرفتها، لكنها غير مانعة من تقدم العلوم والمعارف، بل ما زالت مدينة الإسكندرية متقدمة فى العلوم فى مدة كل منهم. وكان التقدم سائرا نحو الأوج، ولما انضمت إلى الرومانيين، وصارت تابعة لدولتهم وقفت العلوم، واضمحل حال مصر، ورجعت إلى أسوأ ما كانت عليه فى زمن الفرس.
وكانت أعياد المصريين ومواسمهم، فى زمن البطالسة، على قديم عادتهم، وكان المستعمل فى نقش الآثار والهياكل، هو الكتابة المقدسة. ولما كثرت الأروام بتخت البطالسة، كانت عقائد الروم داخلة معهم فى الديار المصرية، سيما فى الإسكندرية، وباختلاطهم بالمصريين، تولدت عقائد جديدة، تخالف عقيدة الأصليين، فبذلك تبدلت الحكم المصرية بغيرها، وصارت أوهاما وشعوذة، لا يمكن الوقوف على صحيح القواعد التى هى أساس الديانة المصرية فى الأزمان القديمة.
وفى مدة قياصر الرومانيين، بلغ الظلم غايته، واحتقروا الديانة المصرية، حتى ضاعت من أصلها وابتدئ فى تخريب العمارات، ونقلها إلى أوروبا، من ابتداء استيلائهم، فنقلوا الهياكل والأحجار المكتوبة، والمسلات التى كانت مدن القطر الشهيرة متحلية بها؛ كطيبة، ومنف، والإسكندرية، وظهرت فى روما وفى القسطنطينية الآثار التى اعتنت بتشييدها الفراعنة أمام معابدهم.
[المدة الرابعة]
وهى سنة ٣٩٣، فى هذه المدة دخلت الديار المصرية فى حيازة القياصرة، بدون أدنى مشقة، ومع ذلك كانت الفتن الداخلية باقية، فتسبب عنها تخريب بعض مبانى الإسكندرية، سيما دار الكتب؛ فإنها تلف منها مقدار عظيم، بعضه بالحرق، وبعضه بالنهب، وذلك من أنفع الكتب ونادرها، التى كانت البطالسة جمعتها مدة سلطنتهم بالديار المصرية. ولحق العلم وأمكنة تدريسه، من الإهانة ما لحق غيره، وانحطت درجة مدرسة