بلاد مصر وإسكندرية، فى القرن الرابع من الميلاد بقوله:«متى دخل المرء قلعة إسكندرية، وجد مكانا محدودا بحدود أربعة متساوية، وفى وسطه فضاء متسع، محاط بأعمدة، وبعده دهاليز فيها قيعان، بعضها لحفظ الكتب المجعولة لمن يريد المطالعة فى العلوم والحكم، وبعضها معد لعبادة المقدسين، وفى وسط هذا الفضاء عمود عظيم الارتفاع، وهو علم يستدل به على هذا المكان، لأنه تغير عن حالته الأصلية، فيتحير الإنسان ولا يدرى أين يتوجه إذا أراد هذا المحل إلا بهذا العمود، فهو دليل لمن أراد هذا المكان من أهل البر والبحر».
وهذه العبارة تدل على أن هذا العمود فى وسط حوش السيرابيوم، لأنه لم يوجد بالإسكندرية عمود بهذه الصفة إلا هو، وتدل أيضا على أن موضع السيرابيوم هو الموضع الذى فى وسطه العمود الآن، ولا يقال إنه كان فى موضع غير هذا الموضع ثم نقل منه إليه، لأن ذلك/من العمليات الجسيمة، التى لا يغفل المؤرخون عن ذكرها والتنويه بمن حدثت فى مدته من القياصرة أو غيرهم
والأرجح أن العمود المذكور قائم فى موضعه الأصلى ضمن عمارات السيرابيوم-كما ذكرنا-، وكون الجلسة حدثت بعد العمود، لا يؤخذ منه سوى حدوث حادثة كزلزلة- مثلا-أثرت فى الجلسة، فأصلحها (ديوكليتان) فى زمنه، وردّ العمود إلى الحالة التى كان عليها أولا، وكتب فوق الجلسة ما نوه فيه بذكره.
[مطلب فى الكلام على التمثال الذى فوق عمود السوارى]
ذكر كثير ممن تكلم على هذا العمود فى الأعصر الأخيرة، أنه كان فوقه تمثال، ولكن لم يذكره (أفتونيوس) فى تاريخه، مع أن وقت سياحته كان قريبا من زمن (ديوكليتان)؛ لأن هذا الوقت زمن القيصر (قسطنطين) والقيصر (جوليان)، وكذا لم يذكر القبة، التى ذكر عبد اللطيف البغدادى فى رحلته أنها كانت فوقه أيضا.