اشتغل الباشا ثم بعمل المزاول والمنحرفات حتى أتقنها، ورسم على اسمه عدة منحرفات على ألواح كبيرة من الرخام، وعمل له تاريخ نقشه عليها وهو هذا:
مزولة متقنة … نظيرها لا يوجد
راسمها حاسبها … هذا الوزير الأمجد
تاريخها أتقنها … هذا الوزير أحمد
ونصب واحدة بالجامع الأزهر فى ركن الصحن على يسار الداخل فوق رواق معمر، وهى لفضل دائر العصر والمغرب، وأخرى بسطح جامع الإمام الشافعى وفيها خيط مساطره وفضل دائره وقسى عصر وفضل دائر المغرب، وأخرى بمشهد/السادات الوفائية وهى بشاخص واحد للظهر والعصر.
ثم إنه عزل عن مصر وتولاها غيره. انتهى من الجبرتى فى أول النصف الثانى.
[المدارس الملحقة به]
منها المدرسة الطيبرسية: قال المقريزى فى خططه: هذه المدرسة بجوار الجامع الأزهر، وهى غربيه مما يلى الجهة البحرية، أنشأها الأمير علاء الدين طيبرس الخازندارى نقيب الجيوش وجعلها مسجدا لله تعالى زيادة فى الجامع الأزهر، وقرر بها درسا للفقهاء الشافعية، وأنشأ بجوارها ميضأة وحوض ماء سبيل ترده الدواب، وتأنق فى رخامها وتذهيب سقوفها حتى جاءت فى أبدع زى وأحسن قالب وأبهج ترتيب؛ لما فيها من إتقان العمل وجودة الصناعة، بحيث إنه لم يقدر أحد على محاكاة ما فيها من صناعة الرخام فإن جميعه أشكال المحاريب.
وبلغت النفقة عليها جملة كثيرة، وانتهت عمارتها فى سنة تسع وسبعمائة، ولها بسط تفرش فى يوم الجمعة كلها منقوشه بأعمال المحاريب أيضا، وفيها خزانة كتب ولها إمام راتب.
[ترجمة علاء الدين بن طيبرس]
(طيبرس) بن عبد الله الوزيرى كان فى ملك الأمير بدر الدين بيلبك مملوك الخازندار الظاهرى نائب السلطنة، ثم انتقل إلى الأمير بدر الدين بيدرا وتنقل فى خدمته حتى صار نائب الصّبيبة، ورأى مناما للمنصور لاجين يدل على أنه يصير سلطان مصر، وذلك قبل أن يتقلد السلطنة وهو نائب الشام، فوعده إن صارت إليه السلطنة أن يقدمه وينوه به، فلما تملك لاجين استدعاه وولاه نقابة الجيش بديار مصر عوضا عن بلباى الفاخرى فى سنة سبع وتسعين وستمائة، فباشر النقابة مباشرة مشكورة إلى الغاية، من إقامة الحرمة وأداء الأمانة والعفة المفرطة، بحيث إنه ما عرف عنه أنه قبل من أحد هدية ألبتة، مع التزام الديانة والمواظبة على فعل الخير