للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما ذكره السياح المذكور أن عمودا كان قد أقيم فى جهة من جزيرة الدلتا وهى جزيرة روضة البحرين لقياس مياه الفيضان، وزعم بعض الناس أنه هو عمود مقياس الروضة الآن.

[مطلب مقياس النيل الذى عمله يوسف ]

وقال القزوينى فى كتاب «عجائب المخلوقات»:

ولما كان زمان يوسف عمل مقياسا يعرف به قدر الزيادة والنقصان، يزرعون عليه، وإذا زاد على قدر كفايتهم يستبشرون بخصب السنة وسعة الرزق، وذلك المقياس عمود قائم فى وسط بركة على شاطئ النيل، لها طريق للنيل يدخلها إذا زاد، وعلى ذلك العمود خطوط معروفة عندهم، يعرفون بوصول الماء إليها مقدار زيادته، وأقل ما يكفى أهل مصر سنتهم أن يزيد أربعة عشر ذراعا، فإن زاد ستة عشر ذراعا، زرعوا ما يفضل عن عامهم وأكثر ما يزيد ثمانية عشر ذراعا، والذراع أربعة وعشرون إصبعا، فإذا استوفى الماء ما ذكر، كسرت الخلجان حتى تملأ جميع أرض مصر وتبقى التلال والرمال والقرى عليها وسائر الأراضى تغمر بالبحر، فإذا استوفت الأرض من الماء ورويت زرعت بأصناف الزرع وحينئذ يبرد/الجو ولا تنشف الأرض؛ فإذا آن أن يدرك الزرع، عاد الوقت يأخذ فى الحر حتى ينضج الزرع ويؤخذ فى حصاده وفى ذلك عبرة». انتهى.

ويستفاد من المباحث التى أجراها العارفون باللغة المصرية القديمة أن وفود سيدنا يوسف على أرض مصر كان فى القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وكان ذلك فى مدة فرعون مصر أبو فيس الثانى المعروف فى تواريخ العرب باسم الريان بن الوليد العملاقى (١)، وحينئذ يعلم أن فى زمن يوسف كان قانون الرى فى الديار المصرية، كما كان فى زمن هيرودوط، والقانون


(١) الفضائل الباهرة لا بن ظهيرة، ص ١٥.