والصغيرة، وقد دخل الجميع فى سراى عابدين، وصار الآن محل الدرب الجديد، وحارة الزير المعلق سلاملك وحوش سراى القبلى، فسبحان من يرث الأرض ومن عليها.
وأما جهة اليمين: فبأولها جامع السلطان شاه وهو من الجوامع القديمة، ذكره المقريزى ولم يترجمه، تخرب وبقى كذلك إلى أن جدده الخديو إسماعيل باشا سنة تسع وثمانين ومائتين وألف، فصار مقام الشعائر إلى الآن، وبداخله ضريح منشئه عليه مقصورة من الخشب، ويعمل له مولد كل سنة فى أواخر شعبان.
[[حارة غيط العدة]]
ثم حارة غيط العدة، وهى حارة كبيرة، أرضها منخفضة عن أرض الشارع، لأنها كانت فى الأصل بستانا يعرف ببستان العدة. ذكره المقريزى فقال: هذا المكان من جملة الأحكار التي فى غربى الخليج، وهو بجوار قنطرة الخرق وبجوار حكر النوبى، قريب من باب اللوق تجاه الآدر المطلة على الخليج من شرقيه المقابلة لباب سعادة وحارة الوزيرية. كان بستانا جليلا، وقفه الأمير فارس المسلمين بدر بن رزيك أخو الصالح طلائع صاحب جامع الصالح خارج باب زويلة، ثم إنه خرب فحكر وبنى عليه عدة مساكن، وحكره يتعاطاه فارس المسلمين. (انتهى).
وهذه الحارة من الحارات المعتبرة قديما، وكان لا يسكنها إلا الأمراء والمعتبرون، وكانت فى غاية الضبط، فكانت أبوابها الثلاثة تغلق من بعد العشاء الأخيرة، ولا يصل إليها إلا من الباب الكبير الذى كان بقرب جامع الأمير حسين، وكان خفيرها إذا رأى إنسانا لا يعرفه لا يمكنه من الدخول فيها إلا إذا عرفه أنه داخل لفلان صاحب البيت الفلانى، فيذهب معه إلى البيت الذى أخبره عنه، وكان السالك بها لا يجد شباكا مفتوحا، ولا يسمح صوتا مرفوعا، وكان لأغنيائها عوائد حسنة من مساعدة فقرائهم ومواساتهم، إلى غير ذلك فى الخصال الحميدة، وبقيت كذلك إلى سنة خمسين ومائتين وألف، ثم أخذت تنقص عوائدها، وتقل فوائدها وتنقرض أمراؤها وتموت عظماؤها، حتى لم يبق منهم إلا النذر اليسير، وصارت كغيرها من باقي الحارات. ثم لما فتح شارع محمد على ومر بها جعلها أجزاء وصار يتوصل إليها من أبوابها الأصلية، ومن شارع محمد على المذكور.