للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصف من شهر رجب يعنى سنة ست عشرة وخمسمائة ما عمل فى المسجد المستجدّ قبالة باب الخوخة من الهمة ووفور الصدقات وملازمة الصلوات كتب رقعة يسأل فيها أن يفسح له فى بناء مسجد بظاهر باب درب سعادة، فلم يجبه المأمون إلى ذلك، وقال له: ما ثم مانع من عمارة المساجد وأرض الله واسعة، وإنما هذا الساحل فيه معونة للمسلمين وموردة للسقائين وهو مرسى مراكب الغلة، والمضرة فى مضايقة المسلمين فيه منه، ولو لم يكن المسجد المستجد قبالة باب الخوخة محرسا لما استجد، فان أردت أن تبنى مسجدا قبل مسجد الريفى أو على شاطئ الخليج فالطريق ثم سهلة.

فقبّل الأرض وامتثل الأمر، فلما قبض على المأمون، وأمر الخليفة يانس المذكور، ولم يزل ينقله إلى أن استخدمه فى حجبة بابه سأله فى مثل ذلك، فلم يجبه إلى أن أخذ الوزارة فبناه فى المكان المذكور، وكانت مدته يسيرة فتوفى قبل إتمامه وإكماله، فكمّله أولاده بعد وفاته. (انتهى).

(قلت): وقد عرف هذا المسجد أخيرا بزاوية الشيخ أبى العباس البصير لأنه أقام به واتخذه زاوية لفقرائه فعرف بزاوية أبى العباس من ذلك الوقت.

[ترجمة الشيخ أبى العباس البصير]

وأبو العباس هذا ترجمه الشعرانى فى طبقاته وقال: إنه من أصحاب الكشف التام والقبول العام. كان معاصرا للشيخ أبى السعود بن أبى العشائر، وكان سيدى أبو السعود فى زاويته بباب القنطرة يراسل سيدى أبا العباس بالأوراق أيام النيل بالخليج الحاكمى وهو فى زاويته بباب الخرق، فكانت ورقة أبى السعود تقلع وورقة أبى العباس تحدر إلى أن ترسى على سلم الخليج ولا تبتل. .

وذكر الشعرانى أيضا أن الشيخ يحيى الصنافيرى-المتوفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة- دفن بتربة الشيخ أبى العباس البصير بالقرافة. (انتهى). فعلم من هذا أن القبر الذى كان بهذه الزاوية تحت القبة التى كانت هناك ليس هو قبر أبى العباس، وهل هو قبر يانس صاحب المسجد أم قبر أحد أولاده؟ الله أعلم بحقيقة الحال.