عدم الخلاص قتل بعضهم بعضا، حتى لم يبق منهم أحد وفى عقب ذلك جمع (أنتكورس (١) طيوس) ملك الشام عساكر كثيرة، وهجم على ديار مصر لدولة البطالسة حسدا منه، ثم انتهى الأمر على الصلح بينهما.
وسبب ذلك أن فئة من المصريين كانوا قد خرجوا عن الطاعة، فعظم ذلك الأمر على بطليموس ولكنه تداركه بتزويجه بنته لملك الشام، فانحسم أمر النزاع وزال ما كان فى النفوس.
لكن لم يتمتع بطليموس بثمرة هذا الصلح زمنا طويلا، فإن موت زوجته (أرسينوى) أخته أوجب تعجيل منيته، لفرط حزنه عليها. وكان موته سنة ٢٤٦ قبل الميلاد.
[مطلب بطليموس الثالث]
وجلس بعده على تخت الملك ابنه بطليموس الثالث ولقبه (أويرجيت) أى المحسن، وسبب تلقيبه بذلك؛ وأنه أحضر معه بعد رجوعه من حرب الفرس أصناما كثيرة من أصنام آلهة قدماء المصريين، وكانت أخذت من المعابد زمن (جمشيد).
ومن ذلك يعلم أن المصريين-كانت فى تلك الأزمان-تغيرت عن حالها القديم وداخلها الطيش والخفة، فإن بطليموس هذا كان غير مستحق لهذا اللقب؛ فإنه كان مشتغلا بالحروب فى بلاد بعيدة، ولم يسر سير أبيه، بل أهلك مال الدولة فى تلك الحروب، وأتلف رجالها، ونقصت درجة ثروة الإقليم عما كانت أيام أبيه وجدّه.
وجميع هذه الحروب التى فى سواحل الشام، والفرات، والعجم، وحدود آسيا منشؤها أمر واه، كانت تسويته ممكنة بدون سفك دم، وذلك هو الانتقام لأخته من زوجها ملك بلاد الشام؛ لأنه كان هجرها. وهذه الحروب لولا أنهم تعصبوا عليه بمصر لدامت، لكنه لما رأى ذلك رجع وأطفأ نار الفتنة، وبعدها بقليل مات مسموما بواسطة أحد أولاده،/ وذلك سنة ٢٢٠ قبل الميلاد.
(١) يقصد «أنطيوخوس «Antiochos - انظر: تاريخ مصر فى عصر البطالمة، ج ١، ص ١١٧ وما بعدها.