ثم إن طوران دبر تدبيرا؛ وهو أن يمنع ما يرد إلى جيش النصارى فأرسل خلقا إلى المراكب التى بها مأكلهم، فلحق جيش النصارى من الكرب ما لا مزيد عليه، وهجم عليهم الطاعون والأمراض، فانهزموا فلحقهم المسلمون، فجازوا البحر على قنطرة من خشب كانوا صنعوها على البحر الصغير، فالتقى الفريقان بفارسكور، فاقتتلوا قتالا عظيما، انتصر المسلمون فيه على النصارى، وأسروا ملكهم ومن معه من الرجال والعساكر، وكر المسلمون راجعين إلى المنصورة، فرحين بما أوتوا.
وهناك اشترطوا على ملك النصارى شروطا، منها: أنه يخرج من مصر، وأن يسلم نظير فك أسره مائة ألف وزنة من الذهب-والوزنة خمسة ليورا باريزى-. وعلى هذا ذهب جيش النصارى من مصر، وسلم دمياط.
ولما وصل ملك النصارى عكا، أرسل ما فرض عليه.
وإنما خرجنا عن الموضوع، وأطلنا فى تفصيل حوادث هذه الأوقات؛ ليعرف القارئ ما ورد على الديار المصرية. ومع ذلك فالغارة الأولى التى كانت فى سنة ١٠٩٦، والثانية التى كانت فى سنة ١١٤٨، لم يحصل منهما انتقال لمدينة إسكندرية عما كانت عليه.
ثم أنه يقال: إن الفرنساوية كانوا تحت إمرة (أمورى الأول) ملك بيت المقدس، الذى أغار على الديار المصرية وحاصرها، ولم يتمكن منها؛ لمدافعة أهلها عنها وارتد خائبا، كما صار له فى هجومه على القاهرة ودمياط. ثم أنه عقب تلك الغارات هجم صلاح الدين على بلاده فخربها.
[المدة الثامنة]
٧٩ سنة، وهى دولة الأيوبيين والأكراد، التى أعقبت الفاطميين، وكان فى إمكان الفاطميين أن يبقوا الأسباب الموجبة لاضمحلال ملك العباسيين، ويجعلوا العدل أساس