ملكهم، ويسيروا على منهج الشرع لتتمكن حكومتهم فى الأرض وتبقى، وذلك إنما يكون بتأليف قلوب الأهالى.
ولكن لم يلتفتوا لذلك أصلا، بل تبعوا فى سيرهم الخلفاء ببغداد، وأكثروا من الظلم والزهو، واشتغلوا بالمحاورات الدينية، واشتركوا مع العلماء فى المجادلات المذهبية، وأكثروا من العدوان بقصد الحصول على رجال يدخلون فى مذهبهم.
وأضلهم الحاكم بأمر الله، الذى ادعى الألوهية، فأشعل النار بالقاهرة للتسلى، فضاق الحال بالخلق، وآل أمر الخلافة الفاطمية إلى ما آلت إليه من الاضمحلال، وضعفت شوكتهم وطمع فى الخلافة المقربون منهم.
وفى زمن الخليفة العاضد-آخر سلسلتهم-توعده أحد رؤوس الجيش-وكان قد عزله-بأنه يخليه من الخلافة. فمن خوفه وعدم أمنه على حاشيته وأهله-لكثرة ظلمة استعان بالأجانب، وطلب النجدة من نور الدين ملك حلب، ولم يتفكر فى العاقبة، فأرسل له جيشا فخلصه مما رضى أن يدفعه للإفرنج بعد وقعته معهم فى الشام، ونصره على القائمين عليه من رجاله، وما علم أنه تخلص من عدوّ ضعيف، ووقع فى مخالب من لا طاقة له به.
فبهذه الكيفية أنشب صلاح الدين-رئيس الجيش من طرف نور الدين-مخالبه بملك العرب، فأزاله عنهم، وانتقلت حكومتهم إلى طائفة من الأكراد والأتراك-عرفت بالطائفة الأيوبية-وأوّلهم صلاح الدين، فإنه هو الذى أتى بجيوشه المركبة من الأكراد والأتراك، وأزال الفاطميين من الديار المصرية، وجلا الإفرنج عن الديار الشامية، بعد أن كانوا مستولين عليها من زمن مديد.
وفى زمنه حصلت غارات منهم متعددة:
ففى الأولى، وهى الرابعة بالنسبة لحرب الصليب-وكانت تكونت ببلاد الونديك سنة ١١٢٢ - أخذت مدينة قسطنطينية.