للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصعايدة، وكان جميل الهيئة حسن الصورة عمر سبعين سنة وتوفى ليلة الأضحى سنة ست وأربعين فكانت مدة شياختة نحو ستة أشهر، وكان نقش خاتمه الشكر لله بحمد عبده الدمهوجى أحمد.

[تولية الشيخ حسن العطار على الأزهر وترجمته]

وبعد موته انتقلت لوحيد زمانه العلامة الشيخ حسن بن محمد العطار، فأقام شيخا بيده الحل والعقد حتى مات آخر سنة خمسين ومائتين وألف، وقد بحثت عن ترجمته حتى أتى لى ابنه لصلبه الشيخ أسعد جمعها له بعض فضلاء الوقت مما سمع منه أو نقل عنه أو وجد مكتوبا مشتتافى مؤلفاته، وملخص ذلك أنه ولد بالقاهرة سنة نيف وثمانين ومائة وألف ونشأ بها فى حياطة أبيه الشيخ محمد كتن، وسمع من أهله أنه مغربى الأصل ورد بعض اسلافه مصر واستوطنها، وكان أبوه فقيرا عطارا له إلمام بالعلم كما يدل عليه قوله فى بعض كتبه:

ذاكرت بهذا الوالد : وكان يستصحبه إلى الدكان ويستخدمه فى صغار شؤونه ويعلمه البيع والشراء، ولشدة ذكائة وحدة فطنته كان يميل إلى التعلم وتأخذه الغيرة عند رؤيته أترابه يترددون إلى المكاتب، فكان يختلف إلى الجامع الأزهر خفية عن أبيه حتى قرأ القرآن فى مدة يسيرة، فلما اطلع أبوه على ذلك اشتد سروره به وتركه وشأنه وساعده على طلب العلم، فجد الشيخ فى التحصيل على كبار المشايخ كالشيخ الأمير والشيخ الصبان وغيرهما حتى بلغ من العلوم فى زمن قليل مبلغا تميز به واستحق التصدى للتدريس، لكنه مال إلى الاستكمال واشتغل بغرائب الفنون والتقاط فوائدها، فلما كان هيجان الفتن بدخول الفرنساوية مصر داخله الخوف ففر إلى الصعيد كجماعة من العلماء، ثم عاد بعد أن حصل الأمن، واتصل بناس من الفرنساوية فكان يستفيد منهم الفنون المستعملة فى بلادهم ويفيدهم اللغة العربية ويقول:

إن بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها، ويتعجب مما وصلت إليه تلك الأمة من المعارف والعلوم وكثرة كتبهم وتحريرها وتقريبها لطرق الاستفادة، ثم ارتحل فى تلك المدة إلى الشام وأقام بدمشق زمنا، وكان يقول الشعر أحيانا دون اهتمام به كما هو عادة كثير من العلماء، قال: وقلت وأنا بدمشق هذه القصيدة وسببها أن صاحبنا العلامة الشيخ محمد المسيرى كان قدم من بيروت لدمشق فأقام بالمدرسة البدرية حيث أنا مقيم ومكث نحو شهرين فوقع لى به أنس عظيم، ثم عاد إلى بيروت وأرسل مكتوبا لبعض التجار فيه قصيدة تتضمن مدح دمشق وعلمائها وتجارها الذين صاحبوه مدة إقامته، فكان جزاء تلك القصيدة أنها لم تقع منهم موقع القبول وصاروا يهزؤون بكلماتها وقوافيها، فانتدبت