قال المقريزى: هذا الجامع بالشارع خارج باب زويلة. بناه الأمير سيف الدين ألماس الحاجب، وكمل فى سنة ثلاثين وسبعمائة.
[ترجمة ألماس]
وكان ألماس هذا أحد مماليك السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، فرقاه إلى أن صار من أكبر الأمراء وبلغ منزلة النيابة إلا أنه لم يسم بالنائب، ويركب الأمراء الأكابر والأصاغر فى خدمته، ويجلس فى باب القلة من قلعة الجبل فى منزلة النائب والحجاب وقوف بين يديه، وما برح على ذلك حتى توجه السلطان إلى الحجاز فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، فتركه فى القلعة مع ثلاثة من الأمراء، وبقية الأمراء إما معه فى الحجاز، وإما فى إقطاعاتهم.
وأمرهم أن لا يدخلوا القاهرة حتى يحضر من الحجاز، فلما قدم من الحجاز نقم عليه وأمسكه فى صفر سنه أربع وثلاثين وسبعمائة، وكان لغضبه عليه أسباب، منها أنه لما قام فى غيبة السلطان بالقلعة كان يراسل الأمير جمال الدين أقوش نائب الكرك ويوادده، وبدت منه فى مدة الغيبة أمور فاحشة من معاشرة الشباب ومن كلامه فى حق السلطان فأخذ وحبس، وبعد ثلاثة أيام من حبسه قتل خنقا فى محبسه فى الثانى عشر من صفر سنه أربع وثلاثين وسبعمائة وحمل من القلعة إلى جامعه فدفن به، ونهب جميع ما فى داره فوجد ستمائة ألف درهم فضة، ومائة ألف درهم فلوسا، وأربعة آلاف دينار ذهبا، وثلاثين حياصة ذهبا كاملة بكفتياتها وخلعها، خلاف الجواهر والتحف انتهى.
وهذا الجامع الآن عامر مقام الشعائر، وله باب إلى ميدان سراى الحلمية فى مواجهة باب السراى، وفى داخل حارة ألماس باب، وبه منبر دقيق الصنعة، وبوائكه على عمد من الرخام، ودائر محرابه بالقيشانى، وفى وسط صحنه حنفية بجانبها بئر تملأ منها، وبه ضريح منشئه عليه قبة ولها شباك مشرف على الشارع وله أوقاف تحت نظر محمد أفندى رشدى يبلغ إيرادها فى السنة اثنى عشر ألف قرش وأربعة وعشرين قرشا، ومرتب بالروزنامجه أربعمائة قرش وخمسة قروش، وأحكار مائة وستة وثلاثون قرشا، يصرف من ذلك للخدمة وإقامة الشعائر أربعة آلاف وثلاثمائة وثمانية وثمانون قرشا والباقى يحفظ تحت يده للعمارات.