بالمدينة المنورة نحو اثنتى عشرة سنة وقادا بالحرم المدنى، ثم رجع إلى الشام، وأحضره محمد بيك أبو الذهب إلى مصر وأكرمه ورد إليه بلاده وأحبه واختص به، وكان يسامره ويؤنس بحديثه ونكاته، فإنه كان يخلط الهزل بالجد، ويأتى بالمضحكات فى خلال المقبضات، فلذلك سمى بالمجنون، وكانت بلد ترسا بالجيزة جارية فى التزامه، وعمر بها قصرا، وأنشأ بجانبه بستانا عظيما زرع فيه أصناف الأشجار والنخيل والرياحين، وكذلك أنشأ بستانا بجزيرة المقياس فى غاية الحسن، وبنى بجانبه قصرا يذهب إليه فى بعض الأحيان. ولما حضر حسن باشا إلى مصر ورأى هذا البستان أعجبه، فأخذه لنفسه وأضافه إلى أوقافه، وبنى داره التى بالقرب من الموسكى داخل درب سعادة، ودارا على الخليج المرخم أسكن فيها بعض سراريه، وكان له عزوة ومماليك ومقدمون وأتباع، وإبراهيم بيك أوده باشا من مماليكه، ورضوان كتخدا الذى تولى بعده كتخدا الباب، وكان مقدمه فى المدد السابقة يقال له المقدم فودة، له شأن وصولة بمصر، وشهرة فى القضايا والدعاوى، ولم يزل طول المدد السابقة جاويشا، فلما كان آخر مدة حسن باشا قلدوه كتخدا مستحفظان، ولم يزل معروفا مشهورا فى أعيان مصر إلى أن توفى فى خامس شعبان من سنة إحدى ومائتين وألف. (انتهى).
ودار البرديسى، وهى دار كبيرة داخل عطفة جامع البنات، ودار الأمير إسماعيل باشا تمر كاشف بها جنينة كبيرة، ودار ورثة المرحوم توفيق بيك، ودار الست أم حسين بيك، بها جنينة كبيرة، ودار السنانكلى، ودار ورثة المرحوم الحاج سلامة القمصنجى، بها جنينة صغيرة، وغير ذلك من الدور الكبيرة والصغيرة.
وبالجملة فهى من أشهر حارات القاهرة وأقدمها، إلا أنها الآن قد اختلطت عند العامة بحارة المحمودية، المعروفة اليوم بالأشراقية، وصار درب سعادة يطلق على الحارتين معا، لكن ما يقرب من جامع المؤيد يسمى بالأشراقية، لأن هناك وكالة معدة لبيع الأشراق وحطب الوقود.
وهذا آخر ما تيسر لنا من الكلام على وصف شارع درب سعادة قديما وحديثا.
ثم نبين الشارع الطوالى الذى ابتداؤه آخر شارع الدرب الأحمر بقرب باب زويلة،
وانتهاؤه آخر شارع الصنافيرى من بحرى جامع الطباخ فنقول:
هذا الشارع طوله ألف متر وثلثمائة وسبعون مترا، وينقسم ستة أقسام: