للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إغواء رجاله الأكراد-على مقدار عظيم منهم ليجعلهم جيوشا له-سيما-وقد كان بين الأيوبيين وبين هذه الجهات علائق محبة.

وفى سنة ١٢٣٠ اشترى اثنى عشر ألفا من الشبان، فكانوا من الجركس والأباظة والجرج وغيرهم، ورباهم وأحسن تعليمهم، فصار جيشه بهم أحسن جيوش الإسلام، وإنما سموا البحرية لأنهم أتوا مصر من طريق البحر.

ومن اعتنائه بهم وقربهم منه، قويت شوكتهم، وعلت كلمتهم، حتى صار لهم الأمر والنهى فى المملكة، وتصرفوا فى جميع أمور السلطنة، وفى أحوال سيدهم، ثم استولوا على الملك بقتلهم آخر سلاطين الأيوبية، وأسسوا دولة عرفت بدولة المماليك وهى:

[المدة التاسعة]

وكان لرئيسهم (١)، عز الدين أيبك، شهرة عظيمة فى حربه مع الفرنج فى واقعة المنصورة، وعلت كلمته عند شجرة الدر ورجال الحكومة.

وكان ذلك على غير مراد (طوران شاه)، الذى تولى بعد موت أبيه، فاجتهد فى إزالة هذه الشهرة عنه مع أصحابه الذين حضروا معه من ديار بكر. ولم ينجح فى ذلك لأنه كان مكبا على اللهو، محبا للزهو. ولما طلب عمال أبيه من والدته (٢) -شجرة الدر-التجأت إلى (أيبك) المذكور، فقام عليه وقتله، وبعد ذلك بقليل استولى على الملك، وأسس دولة بقيت زمنا مديدا، تتصرف فى أحوال الديار المصرية، على غير قانون معروف، فكان كل فعلهم تبعا لهوى النفس والشهوات.

ومن وقت ظهور هذه الطائفة بأرض مصر إلى زمن الغورى-أى سنة ١٢٦٧ (٣) -استولى ٤٧ ظالما، نتج من توالى أفعالهم: تضعضع حال ديار مصر، وامتهن العلم وهجرت


(١) رئيس المماليك البحرية.
(٢) الصحيح: زوجة أبيه. انظر العصر المماليكى فى مصر والشام، ص ١٠.
(٣) الصحيح: أى ٢٦٧ سنة.