لما فتح الله على المسلمين مدينة إسكندرية سنة ٦٤٠ من الميلاد، أبقوا أسوارها على ما كانت عليه فى زمن الرومانيين، وعمروا ما تهدم منها بالمحاصرة التى أقامت أربعة عشر شهرا، واستشهد فيها من العرب ما يقرب من ٢٣٠٠٠ نفس.
لكن بسبب تركهم المدينة وإقامتهم بمدينة الفسطاط، نقص أهل مدينة إسكندرية مع مرور الزمن.
وفى القرن التاسع من الميلاد، أعنى بعد فتح مصر بقرنين، أيام خلافة المتوكل وهو العاشر من بنى العباس، والثانى والثلاثون من الخلفاء بعد رسول الله ﷺ، هدم أحمد بن طولون الأسوار القديمة وبنى غيرها، فما كان جهة الغرب بقى على ما كان عليه مع بعض تغيير، وأما ما كان من الجهة الشرقية والجهة القبلية فقد دخل كثير الخراب هاتين الجهتين. وذكر بعضهم أن ابن طولون إنما عمر الأسوار القديمة فقط.
ثم فى سنة ١٢١٢ اعترى المدينة والأسوار تخرب فاحش، فبنى أحد من تولى على تخت الديار المصرية، بعد صلاح الدين، أسوارا أخر وهى التى بقيت إلى دخول الفرنساوية، فعلى ذلك يكون قد بقيت أسوار مدينة الروم قريبا من ٦٠٠ سنة بعد الفتح، وجميع المؤن التى بنى بها سور ابن طولون أخذت من الأطلال والأسوار القديمة، وكذلك جميع العمارات التى حدثت بعده فى أزمان السلاطين من المماليك، إلى دخول السلطان سليم، كلها كذلك من المبانى القديمة.
وبهذا الانتقال، كانت مساحة المدينة فى زمن ابن طولون أقل من نصف مساحتها فى زمن الرومانيين، وبقيت على ما وضعها عليه ابن طولون إلى زمن دخول الفرنساوية، لكنها على حسب/الأزمان والأحوال كانت أخذت فى التخرب.