للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حياة شيخ الإسلام. ومن مؤلفاته شرح كتاب الزيد فى الفقه، وهو شرح عظيم جدا كتبه الناس وقرؤوه عليه، جمع فيه غالب ترجيحاته وتحريراته وجمع الشيخ شمس الدين الخطيب فتاويه فصارت مجلدا. وكان يقول: الشيخ نور الدين الطندتائى محقق الدرس، والشيخ شمس الدين الخطيب جامع المسائل النوادر فى الدرس، سمعت هذا القول منه مرارا، وكان يحبنى أشد المحبة، محبة السيد لعبده. مات فى مستهل جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين وتسعمائة، وصلوا عليه يوم الجمعة فى الجامع الأزهر وما رأيت جنازة اجتمع فيها خلق كثير مثل جنازته، وضاق الجامع عن صلاة الناس الجمعة فيه ذلك اليوم، حتى إن بعضهم خرج يصلى فى غيره ثم رجع للجنازة. ودفن بتربته قريبا من جامع الميدان خارج باب القنطرة. وأظلمت مصر وقراها يوم موته لكونه كان مردا للعلماء فى تحرير نقول المذهب رحمه الله تعالى.

[ترجمة شمس الرملى الصغير ]

وفى الذيل أيضا ترجمة ابنه المدفون بجواره، وهو الإمام العالم العلامة المحقق صاحب العلوم المحررة والأخلاق الحسنة والأعمال المرضية، سيدى محمد بن شيخنا الشيخ شهاب الدين الرملى قال: وصحبته من حين كنت أحمله على كتفى إلى وقتنا هذا، فما رأيت عليه شيئا يشينه فى دينه، ولا كان يلعب فى صغره مع الأطفال، بل نشأ على الدين والتقوى والصيانة وحفظ الجوارح ونقاء العرض، رباه والده فأحسن تربيته مع زيادة التوفيق من الله ، وكنت وأنا أقرأ على والده العلم فى المدرسة الناصرية أرى عليه لوائح الصلاح والتوفيق. وقد أقر الله به عين المجبين فإنه مرجع أهل مصر فى تحرير الفتاوى، وأجمعوا على دينه وورعه وحسن خلقه، ولم يزل بحمد الله تعالى فى زيادة من ذلك/أخذ العلم عن والده فأغناه عن كثرة التردد والتطفل على غيره، وبث فيه ما كان عنده من الفقه والحديث والتفسير والأصول والنحو والمعانى والبيان وغير ذلك، فكانت بدايته-كما قيل- نهاية والده. وقد أجمع القوم على أن المريد إذا صح اعتقاده فى شيخه، وقبل كلامه بالإيمان والتسليم، فقد ساواه، وما بقى لمعلمه عليه إلا مقام الإفاضة عليه من علومه.

ولما مات والده جلس يدرس فى الجامع الأزهر بعده، فأبدى لعلماء الأزهر من علوم والده العجائب والغرائب، وما تخلف عن درسه إلا من جهل مقداره أو عمه الحسد والمقت. وقد بلغنى أن بعض أصحاب الأنفس صار يرسل بعض طلبته يكتب من سيدى محمد ما يتكلم به من المسائل المتناقضة، ويكتب له ما يمشى عليه فى الترجيح ثم يصير يلقى ذلك فى درسه ويفتى به، ولو أن هذا حضر على سيدى محمد لنال منه خيرا كثيرا. وقد سمعت