هذه القرية كانت تسمى فى الأزمان القديمة سينوبوليس وكانت رأس إقليم، وهى بعيدة عن مدينة المنية بقدر ثلاثة وعشرين ألف متر فى جهة الشمال، وعن البهنسا بقدر ستة وثلاثين ألف متر فى الغرب الشمالى، وذكر بطليموس أنها كانت فى جزيرة، لكن يغلب على الظن خلاف ذلك، وإنما هى فى محلها الآن فى الأرض القارة، فلعله كان بقربها جزيرة تابعة لها وكان بها بعض بيوت من أهالى سملوط فنسبت إليها ثم أخذها البحر، ولا يوجد الآن شئ من المعابد والمبانى القديمة التى كانت فى تلك المدينة يستدل منها على ما كانت عليه، وإنما يستفاد من أقوال استرابون أن أهاليها كانوا يقدسون أنوبيس فى صورة كلب، ويعظمونه ويقرّبون له القرابين ويبجلونه بتبجبلات مخصوصة، واسم المدينة الرومى يحقق ذلك لأن كلمة سينوبوليس مركبة من لفظة سينو الذى معناها الكلب وبوليس التى معناها المدينة؛ فيكون معنى مجموع الكلمتين مدينة الكلب، وليس المراد أنهم كانوا يعبدونه بل كانوا يعظمونه لأمر يعرفه القسيسون كما مر نظيره، ومن ذلك ما روى عن ديودور أن أنوبيس كان أحد أصحاب أوزيس وكان يتميز عن أصحابه بجلد كلب يلبسه، ولعل ذلك كان إشارة للشعرى اليمانية المسماة عند الإفرنج سيروس أو الكلب، ومن المعلوم أن طلوع هذا النجم كان له اعتبار عظيم عند المصريين، لأنه كان المبشر لهم بالفيضان، ويوجد كثيرا فى نقوش المبانى صورة ابن آوى، وكان المصبرون للأموات يضعون على وجوههم براقع على صورة وجه هذا الحيوان، وتوجد هذه الصورة فى المخازن مكررة فى الأحوال المختلفة، ويغلب على الظن أن المصريين بدلوا هذا الحيوان بصورة الكلب؛ لأنه أشبه شئ به ولا يوجد هذا الحيوان فى بلادهم، ثم إن بطليموس ذكر مدينة تسمى كو (بكسر الكاف وسكون الواو) بقرب مدينة سينو بوليس وجعلها رأس قسم، فيكون قد وجد فى آن واحد مدينتان بينهما مسافة صغيرة، فإن كان ذلك صحيحا فأين الآثار الباقية لهما أو لأحدهما، مع أنه لا يوجد إلا دير يعرف بدير