وجه نفر من المؤرخين المصريين فى العصور الوسطى عنايته إلى الكتابة فى نوع من التاريخ، على ما فيه من مشقة ونصب وما يحتاجه من سعة فى الاطلاع ووفرة فى تحصيل العلوم والمعرفة، ذلك هو الكتابة فى الخطط، سواء أكانت خاصة بمدينة بعينها، أم إقليم بذاته.
والتأريخ بأسلوب الخطط أشبه ما يكون بدائرة معارف شاملة عن المكان الذى يتناوله المؤرخ، إذ يذكر فيه كل ما يتعلق بالموقع من معلومات جغرافية وتاريخية، وسير وتراجم، وعادات وتقاليد، وحضارة وفنون، ومعالم وآثار … إلى غير ذلك من الموضوعات التى تتعلق بذاك المكان.
وأقدم مؤرخ مصرى، ألّف بأسلوب الخطط هو عبد الرحمن بن الحكم، فضلا عن أنه أقدم مؤرخ مصرى لمصر الإسلامية، ولذلك يعتبر واضح حجر الأساس لهذا الفرع من التاريخ.
وتلا عبد الرحمن بن الحكم فى هذا الميدان عدد من المؤرخين على مر العصور، يذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: ابن الحكم أبو عمر بن يوسف الكندى، وأبو محمد الحسن بن إبراهيم زولاق الليثى المصرى، والأمير المختار عز الملك المسيحى، وأبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعى الفقيه الشافعى، وصارم الدين إبراهيم بن محمد بن أيدمر بن دقماق القاهرى، وأحمد بن على بن عبد القادر، أبو العباس الحسينى العبيدى تقى الدين المعروف «بالمقريزى»، صاحب ذلك الأثر النفيس الذى وصل إلينا عن خطط مصر؛ وهو كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار».
وقد قيّض الله لمصر فى العصر الحديث ابنا من أبر أبنائها، وعلما من أشهر أعلامها، وهو على مبارك باشا، الذى اقتفى أثر المؤرخين السابقين، وكتب كتابا عن خطط مصر، سماه:«الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشهيرة» وهو نفسه