وكان بالجامع القديم مقبرة تعرف بمقبرة القضاة، فلما هدم الجامع جمعت عظام من فيها، وبنى لها تربة تحت إيوان الحنفية الذى به القبلة ودفنت هناك.
[ترجمة على بيك الحسينى]
(قلت): وممن دفن فى هذه المقبرة - كما ذكره الجبرتى - الأمير على بيك الحسينى.
كان من مماليك حسن بيك الجداوى قلده الإمارة فى أيام حسن باشا الوزير، وتزوج بزوجة مصطفى بيك الداوودية المعروف بالإسكندرانى، وبقى فى إمارته إلى أن مات بالطاعون فى شهر رجب سنة تسع وتسعين ومائة وألف ودفن بهذه المقبرة. (اه).
[القبة الشريفة]
وأما القبة الشريفة فهى قائمة على أصولها لم يتغير فيها شئ، وبداخلها الضريح الشريف عليه مقصورة من النحاس الأصفر، بابها منها، ويعلوها قبة صغيرة من الخشب. وعلى الضريح تابوت مكسو بالاستبرق الأحمر المزركش بالمخيش الأصفر، وعليه عمامة من الديباج الأخضر عليها كشمير فرمش. ولهذه القبة ثلاثة أبواب؛ باب إلى جهة الباب الأخضر، وبابان إلى الجامع، بينهما شباكان من النحاس.
وذكر الجبرتى فى ترجمة الأمير حسن كتخدا عزبان الجلفى أن هذا الأمير وسع هذا الجامع وصنع للمقام الشريف تابوتا من الآبنوس مطعما بالصدف، مضببا بالفضة، وجعل عليه سترا من الحرير المزركش بالمخيش. ولما تمموا صناعته عملوا له موكبا، وساروا به حتى وصلوا المشهد، ووضعوه على المقام. وكان أميرا جليلا صاحب بر وإحسان. توفى يوم الأربعاء تاسع شوال سنة أربع وعشرين ومائة وألف ببيته الكائن بحارة برجوان الموجود إلى الآن تحت نظر حليمة السمراء من عتقائه. (اه).
(قلت): ويعمل بهذا المشهد مقرأة كل ليلة ثلاثاء، ومولد فى ربيع الثانى من كل عام يستغرق أكثر الشهر. ولم يزل هذا المشهد من لدن إنشائه عامرا مبجلا محتفلا به إلى ما شاء الله تعالى، كيف وهو مشهد من لولا جده لم تخلق الدنيا من العدم.
(تنبيه): ينبغى زيارة هذا المشهد الجليل فإن صاحبه باب تفريج الكروب، وبه تزول الخطوب، وبالجملة فكتب التواريخ مشحونة بقصة هذا المشهد العظيم، وقد ترجمناه فى جامعه عند الكلام على الجوامع من هذا الكتاب.
[عطفة الميضأة]
وفى بحرى هذا الجامع عطفة الميضأة يسلك منها إلى عطفة الباب الأخضر.