للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مطلب الكتبخانة]

واعتنى بالعلم وأسس الكتبخانة، التى أطنب فى مدحها المؤرخون، وصارت فريدة يقصدها الناس من الآفاق، ولم تزل فى ازدياد إلى زمن كليوباترا، فحرق أغلبها فى محاصرة قيصر بمدينة إسكندرية.

وفى زمنه أحضر كتبا كثيرة من كتب العبرانيين، بناء على إشارة رئيس الكتبخانة، وكتب إلى رئيس أحبار بيت المقدس، فطلب ستة أحبار من كل قبيلة من قبائل العبرانيين الإثنى عشرة، ولما حضروا عنده أكرمهم وغمرهم بإحسانه، فترجموا له توراة موسى سنة ٢٧١ قبل الميلاد بمدينة إسكندرية، فى المكان المعروف بجامع الألف عمود، وهى النسخة الأصلية التى أخذ منها جميع نسخ التوراة التى فى أيدى الناس.

وفى تلك الأيام كانت الأغراب كثيرة بديار مصر؛ لأنه من وقت وفود إسكندر وبنائه إسكندرية كانت الأغراب تتوارد، وكثرت الأروام وأهالى السواحل الشامية بالإسكندرية، وكانت التجارة بأيديهم فتأكدت العلائق بين المصريين وغيرهم من أهل المغرب.

وملك الرومانيين حينئذ، وإن كان قد أخذ فى الظهور، لكن شهرته كانت محصورة بإيطاليا، ولما اشتهرت حروبهم وشاعت ووصلت أخبارها مصر، رغب بطليموس فى تجديد علائق المحبة بينه وبينهم، فعمل معهم شرائط الاتحاد فمن ذلك الوقت دخلت الرومانيون ضمن من دخل مصر، واتجروا واستوطن أكثر الواردين منهم إسكندرية كغيرهم.

وفى تلك المدة كانت الغلواء (١)، وهم المسمون الآن بالفرنساوية، تشن الغارات على الأمم البعيدة، وبالجملة أغاروا على الرومانيين، ودخلوا أرض اليونان وآسيا وأرض مصر.

وبسبب تجلدهم على القتال كان منهم قوم فى جيش بطليموس، وقوم فى جيوش إسكندر.

وفى مدة غياب بطليموس رفع أربعة آلاف منهم لواء العصيان عليه، وهمّوا بنزع الحكومة منه، فلم ينجحوا وقهرهم بطليموس، فحصروا أنفسهم فى إحدى جزائر النيل، ولما تحققوا


(١) الغلواء: يقصد الغال.