وفى طبقات الشعرانى أن هناك قبر الشيخ ناصر الدين النحاس. قال: كان من رجال الله المستورين، وكان على قدم التعب لا يذيق نفسه راحة ولا شهوة، وكان يذهب كل يوم إلى المذبح فيأتى بكروش البهائم وطحالاتها ونحو ذلك فى قفة على رأسه، فيطعمها للكلاب والقطط العاجزة عن التقوت والحدا والغربان. وسافر إلى مكة على التجريد ولم يقبل من أحد شيئا ألبتة. وكان له كرامات كثيرة تركناها لكونه كان يحب الخمول. مات ﵁ سنة خمس وأربعين وتسعمائة ودفن بزاوية الشيخ على الخوّاص ﵁ خارج باب الفتوح بالمحروسة انتهى.
[جامع خير بك]
هذا المسجد بالخربكية جهة باب الوزير. أنشأه الأمير خير بك ملك الأمراء فى سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وهو من المساجد المشيدة، وأرضه مرتفعة نحو ثلاثة أمتار ومفروشة بالرخام الملون، وبه ضريح منشئه، ومن داخل المسجد بطحاء متسعة بها المطهرة وتوابعها، وبعض قبور، وشعائره مقامة من ريع أوقافه التابعة للديوان.
[ترجمة خير بك أول من تقرر باشا بمصر]
وخيربك هذا كما فى ابن إياس: هو ملك الأمراء خيربك أول من تقرر باشا بمصر بموعد سبق له من السلطان سليم، وذلك فى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، واستمر نائبا عليها إلى أن مات سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، فكانت مدة نيابته بمصر نحو خمس سنين وثلاثة أشهر وسبعة عشر يوما، وكان جبارا عنيدا سفا كاللدماء، قتل ما لا يحصى من الخلائق، وشنق رجلا على عود خيار شنبر أخذه من جنينته، وهو الذى أتلف معاملة الديار المصرية من الذهب والفضة والفلوس الجدد، وسلط إبراهيم اليهودى معلم دار الضرب على أخذ أموال المسلمين، وقرب شخصا من النصارى يقال له/يونس، وجعله متحدثا على الدواوين فأهان المسلمين، وصاروا يخضعون له ويقفون فى خدمته، وكان يكره الفقهاء والعلماء، ويكره المماليك الجراكسة مع أنه منهم، لأن أصله من مماليك الأشرف قايتباى. وكان جركسى الجنس أباظا، وكان اسمه بلباى الجركسى، وكان يدعى أيضا خيربك بلباى. وفى مرض موته أعتق جميع جواريه ومماليكه، ثم إنه دفع للقاضى بركات بن موسى المحتسب ألف دينار فضة ورسم بعشرة آلاف أردب قمح من الشون، ورسم للمحتسب أن يفرقها على مجاورى الأزهر، وعلى المزارات، والزوايا. ثم أمر بإخراج مراسيم للقاضى شرف الدين بن عوض بأن يفرج عن أصحاب الرزق الأحباسية التى كان قد أدخلها إلى الديوان السلطانى-وكانت