وسيدى ذو النون: هو أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم كان أبوه نوبيا توفى سنة خمس وأربعين ومائتين وكان نحيفا تعلوه حمرة وليس بأبيض اللحية.
ومن كلامه ﵁: إياك أن تكون للمعرفة مدعيا أو بالزهد محترفا أو بالعبادة متعلقا، وفر من كل شئ إلى ربك. ومنه: كل مدع محجوب بدعواه عن شهود الحق لأن الحق شاهد لأهل الحق بأن الله هو الحق وقوله الحق، ومن كان الحق تعالى شاهدا له لا يحتاج إلى أن يدعى فالدعوى علامة على الحجاب عن الحق.
وكان يقول للعلماء: أدركنا الناس وأحدهم كلما ازداد علما ازداد فى الدنيا زهدا وبغضا، وأنتم اليوم كلما ازداد أحدكم علما ازداد فى الدنيا حبا وطلبا ومزاحمة، وأدركناهم وهم ينفقون الأموال فى تحصيل العلم، وأنتم اليوم تنفقون العلم فى تحصيل الأموال.
وسئل عن السفلة من الخلق من هم؟؛ فقال: من لا يعرف الطريق إلى الله ولا يتعرفه.
وكان يقول: سيأتى على الناس زمان تكون الدولة فيه للحمقى على الأكياس. والأحمق:
من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى. والكيس: من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.
وقال ﵁: إذا تكامل حزن المحزون لم تجد له دمعة وذلك لأن القلب إذارق سلا وإذا جمد وغلظ سخا. وكان يقول: إن الله تعالى أنطق اللسان بالبيان وافتتحه بالكلام وجعل القلوب أوعية للعلم؛ ولولا ذلك كان الإنسان بمنزلة البهيمة يومئ بالرأس ويشير باليد. وكان يقول: كنا إذا سمعنا شابا يتكلم فى المجلس أيسنا من خيره. وقال له رجل: إن امرأتى تقرأ عليك السلام؛ فقال: لا تقرئنا من النساء السلام. وكان يقول: لحنافى العمل وأعربنا فى الكلام فكيف نفلح؟. وكان يقول:
ليس بعاقل من تعلم العلم فعرف به ثم آثر بعد ذلك هواه على علمه، وليس بعاقل من طلب الإنصاف من غيره لنفسه ولم ينصف من نفسه غيره، وليس بعاقل من نسى الله فى طاعته وذكره فى مواضع الحاجة إليه. وكان يقول: قد غلب على العباد والنساك والقراء فى هذا الزمن التهاون بالذنوب حتى غرقوا فى شهوة بطونهم وفروجهم، وحجبوا عن شهود عيوبهم قهلكوا وهم لا يشعرون، /أقبلوا على أكل الحرام وتركوا طلب الحلال ورضوا من العمل بالعلم يستحى أحدهم أن يقول فيما لا يعلم: لا أعلم. هم عبيد الدنيا لا علماء الشريعة إذ لو عملوا بالشريعة لمنعتهم عن القبائح إن سألوا ألحوا وإن