وصاحب هذا الجامع هو كما فى الضوء اللامع للسخاوى: محمد بن عمر بن أحمد أبو عبد الله الواسطى الغمرى المحلى الشافعى، ولد بمنية غمر سنة ست وثمانين وسبعمائة تقريبا وحفظ بها القرآن، ثم قدم الأزهر واشتغل بالعلم مدة، وتكسب بالشهادة يسيرا لكونه كان فى غاية التقلل وربما كان يطوى الأسبوع الكامل ويتقوت بقشر الفول والبطيخ ونحو ذلك، وتكسب قبل ذلك ببلده وببلبيس مدة بالخياطة وفى بعض الحوانيت بالعطر حرفة أبيه، ويقال أنه كان يطلب منه الشئ فيبذله لطالبه بدون مقابل فيجئ والده فيخبره فيدعو له، وهذا يدل على خير الأب أيضا، ثم لازم التجرد وصحب غير واحد من السادات وجلّ انتفاعه بالشيخ أحمد الزاهد؛ فإنه أقبل بكليته عليه وأذن له فى الإرشاد وقطن بإشارته المحلة وأخذ بها المدرسة الشمسية فوسعها وعمل فيها خطبة، وابتنى بالقاهرة الجامع بطرف سوق أمير الجيوش بالقرب من خوخة المغازلى وكانت الخطة مفتقرة إليه، وجدد عدة جوامع فى كثير من الأماكن كانت قد دثرت، وأنشأ عدة زوايا مع مشيه على قانون السلف والتحذير من البدع وإعراضه عن بنى الدنيا لا يتناول من هداياهم شيئا إلا فى العمارة والمصالح العامة ويتواضع للفقراء ويجلّ العلماء بالقيام والترحيب.
وكان كريما وقورا وحج غير مرة وزار بيت المقدس وسلك طريق شيخه فى الجمع والتأليف مستمدا منه ومن غيره.
فمن تصانيفه: النصرة فى أحكام الفطرة، ومحاسن الخصال فى بيان وجوه الحلال، والعنوان فى تحريم معاشرة الشبان والنسوان، والحكم المضبوط فى تحريم عمل قوم لوط، والانتصار لطريق الأخيار، والرياض المزهرة فى أسباب المغفرة، وقواعد الصوفية، والحكم المشروط فى بيان الشروط، ومنح المنة فى التلبس بالسنة. فى أربع مجلدات، والوصية الجامعة وأخرى فى المناسك.
وممن أخذ عنه الكمال إمام الكاملية وأبو السعادات البلقينى والزين زكريا والعز السنباطى.
ولم يزل على حاله حتى مات فى ليلة الثلاثاء سلخ شعبان سنة تسع وأربعين وثمانمائة وصلى عليه من الغد، ودفن بجامعه الذى بالمحلة ومات وغالب الجامع لم تكمل عمارته وعجل بصلاة الجمعة فيه بمجرد فراغ الجهة القبلية. واتفق: أن شخصا من أهل الشيخ