وقد بقى هذا الميدان فضاء إلى سنة ستمائة من الهجرة، وبنيت بعد ذلك فيه الدور والأماكن والحارات، والآن هو من أعظم أخطاط القاهرة، وقد بقى له اسمه القديم، مع بعض تحريف قليل، فتحول لفظ الخرشتف إلى الخرنفش.
وكان قبلى البستان الكافورى اصطبل الجميزة، وكان معدا لعساكر الفاطميين، وكان له الساقية العظيمة المسماة ببئر زويلة، وقد تكلمنا على ذلك فى موضعه. والاصطبل المذكور كان ابتداؤه بالقرب من موضع سر المارستان، ويشمل خط البندقانيين، وجزءا كبيرا من حارات اليهود المجاورة للسّكة الحديدة، وكان يشرف من الجهة القبلية على ميدان الإخشيد.
[[جامع الخطبة ودار الوزارة]]
وفى سنة ثمانين وثلثمائة أمر الخليفة العزيز بالله ببناء جامع كبير خارج سور القاهرة، فشرع فى بنائه، وكان من موضع باب النصر إلى محل باب الفتوح، وخطب فيه قبل تمامه، وسمّاه جامع الخطبة، ثم مات قبل تمامه، فكمّله ابنه الحاكم بأمر الله، فنسب إليه، وإلى الآن هو موجود متخرب، ويعرف بجامع الحاكم.
وفى أيام العزيز بالله بنى يعقوب بن يوسف بن كلّس داره فى جهة الجنوب الشرقى من القاهرة فى أرض ميدان الإخشيد، وكانت كبيرة جدا، وسميت دار الوزارة، والحارة التى هى فيها عرفت بالوزيرية، وتعرف اليوم بدرب سعادة. وكانت جملة غلمان الوزير أربعة آلاف عرفوا بالطائفة الوزيرية، وإليهم تنسب الوزيرية، فانها كانت مساكنهم، ثم جعلت بعد ذلك لعمل الديباج إلى آخر دولة الفاطميين، ثم بعد زوال دولتهم سكنها الصاحب صفى الدين عبد الله بن على بن شكر فى أيام الملك العادل أبى بكر بن أيوب، فعرف خطها بخط الصاحب، وقد تغير ذلك كله وقسّمت هذه الدار دورا وحارات، وأسواقا ومساجد ونحو ذلك، ففى موضعها الآن سوق النمارسة، والموضع المشهور بمدق البن القديم، وما جاور ذلك من المساجد والأماكن، والحارة المشهورة بحارة بيرم، ودرب الحريرى المعروف بدرب الفرن بحارة درب سعادة، وما وراء ذلك كله.
واستجد بحارة الوزيرية وغيرها جملة دروب، كدرب الحريرى الذى عرف بعد الدولة الفاطمية بدرب ابن قطز، وهو الآن عطفة صغيرة من عطف درب سعادة، ودرب العدّاس، وهو اليوم حارة جامع البنات.
وفى أيام العزيز بالله بنيت دار الفطرة، وخزائن دار افتكين، والإيوان الكبير بالقصر الشرقى، واستجدّت عدة جوامع ومساجد بالفسطاط.