وفى سنة ستين ومائة وألف جددت هذه الدار من جهة الأمير إبراهيم كتخدا القازدغلى زوج بنت البارودى وهو-كما فى الجبرتى-الأمير الكبير إبراهيم كتخدا تابع سليمان كتخدا القازدغلى، وسليمان هذا تابع مصطفى كتخدا الكبير القازدغلى، وخشداش حسن جاويش، استاذ عثمان كتخدا والد عبد الرحمن كتخدا المشهور، لبس الضلمة فى سنة ثمان وأربعين ومائة وألف، وعمل جاويشا، وطلع سردار قطار فى الحج فى إمارة عثمان بيك ذى الفقار سنة إحدى وخمسين ومائة وألف.
وفى تلك السنة استوحش منه عثمان بيك باطنا، لأنه كان شديد المراس قوى الشكيمة، وبعد رجوعه من الحج سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف ذكره واشتهر صيته، ولم يزل من حينئذ ينمو أمره وتزيد صولته، وكان ذا دهاء ومكر وتحيّل ولين وقسوة وسماحة وسعة صدر وتودد وحزم وإقدام ونظر فى العواقب، ولم يزل يدبر على عثمان بيك، وضم إليه كتخداه أحمد السكرى ورضوان كتخدا الجلفى وخليل بيك قطامش وعمر بيك، حتى أوقع به على حين غفلة، وخرج عثمان بيك من مصر. فعند ذلك عظم شأنه، وزادت سطوته، واستكثر من شراء المماليك، وقلد عثمان مملوكه صنجقا، وهو الذى عرف بالجرجاوى، ولما قتل خليل بيك قطامش وعمر بيك بلاط وعلى بيك الدمياطى ومحمد بيك فى أيام راغب باشا بمخامرة حسين بيك الخشاب، ثم حصلت كائنة الخشاب وخروجه ومن معه من مصر انتهت رياسة مصر وسيادتها للمترجم وقسيمه رضوان كتخدا، ونفذت كلمتها، وعلت سطوتهما على باقى الأمراء والاختيارية الموجودين بمصر.
وتقلّد المترجم كتخدائية باب مستحفظان ثلاثة أشهر، ثم انفصل عنها، وقلد مملوكيه عليا وحسينا صنجقين، وكذلك رضوان كتخدا، وصار لكل منهما ثلاثة صناجق، واشتغل المترجم بالأحكام وقبض الأموال الميرية وصرفها فى جهاتها، وكذلك العلوفات وغلال الأنبار ومهمات الحج والخزينة ولوازم الدولة والولاة، وقسيمه رضوان كتخدا مشتغل بلذاته، ولا يتدخل فى شئ مما ذكر، واستكثر المترجم من شراء المماليك وقلدهم الأمريات والمناصب