[الكلام على الإسكندرية فى زمن الخديوى إسماعيل باشا]
اعلم أن مدينة إسكندرية، وإن كانت بلغت من العز والثروة وحسن الرونق ما بلغت، لكن لا يخفى على ذى بصيرة ما حصل فى عصرنا هذا من التقدم فى العلوم والمعارف، إذ ما من يوم إلا ويحصل فيه اختراعات جديدة وأشياء مفيدة، لم تكن من قبل، ولما لم يكن ذلك خافيا على فطنة الخديوى وذكائه احتفل بتوسعة دائرة ثروة القطر وتمدينه.
فمن مبدأ جلوسه على تخت الديار المصرية وذلك فى ٢٨ رجب سنة ١٢٧٩ هجرية، موافقة لسنة ١٨٦٣ ميلادية، أخذ يفكر فيما يعود نفعه على الأهالى ويزيد فى رفاهيتهم، فرأى أن أس ثروة هذا القطر إنما هو نشر ألوية الأمن، فأعمل فى ذلك جدّه واجتهاده حتى وصل إلى الغرض المطلوب، وانتقل القطر بما اكتسبه من الأفكار العلية عن جميع أحواله الأولية إلى ما هو أحسن منها، كما هو مشاهد.
فمن ذلك: تمكين العلائق بين أهل هذه الديار وما جاورها من البلاد المتمدنة، حتى هرع إليها كثير من الأغراب، ورغبوا فى الإقامة بها ونشر معارفهم وعلومهم فيها، ولم يقصروا سكناهم على إسكندرية بل سكنوا سائر مدن القطر وانتشروا فى جميع قراه، كما يظهر ذلك من الجدول المستخرج من كتاب الإحصاءات المصرية لسنة ١٨٧٢ ميلادية وهو هذا: