وتولى بطليموس الرابع الذى قتل أباه وتلقب ب (فيلوباتور) أى محب الأب، لقبه بذلك أهل الإسكندرية تهكما، وكانوا من أشد الناس عنادا وأقربهم للفتنة انقيادا، ومع ذلك فتلقييهم له بهذا اللقب مما يدل على جراءتهم، فإنه وإن لم ير فى تواريخ تلك المدة ما يثبت بطريق قطعى أن هذه الفعلة حصلت منه، لكن ما وقع منه بعد جلوسه على التخت فى عائلته الملوكية يحقق ذلك؛ لأنه لم يكتف بقتل أخيه وأخته-التى كان متزوجا بها-بل قتل والدته أيضا، واحتظى بامرأة فاجرة لجمالها، فلقبوه أيضا ب (تريفون) أى الجبار الشديد القسوة لقسوته وفجوره، فلم يرتدع بل ازداد طغيانا، وفسادا، وفجورا، وفسوقا وقسوة، وانهمك فى اللذات والمعاصى، وترك أمور الملك، وأكثر من ظلم الرعية، وأجحف فى طلب الأموال، فتلاشى حال مصر.
وكانت أخبارها تصل إلى ملك الشام (انتيكوس الثالث) أولا فأوّلا، فظن أن الوقت وقت الانتقام من البطالسة، فجرد على مصر، لكن لم تساعده المقادير فانهزم أشنع هزيمة.
وبقى بطليموس بعد ذلك سبع عشرة سنة وهو فى لهوه ولعبه، وما عمل شيئا يستحسن ذكره، غير تجديد المعاهدة التى عقدها أجداده مع الرومانيين، إلى أن مات سنة ٢٠٤ قبل الميلاد.
[مطلب بطليموس الخامس]
وترك الملك لولده بطليموس الملقب ب (أبيغان) أى المحترم، وكان عمره حين موت أبيه خمس سنين، فحدثت فتن واضطرابات داخل البلاد؛ لأن والدته من فجورها أخفت وفاة أبيه مدة طامعة أن تكون السلطنة لها، واتحدت مع أخيها وبعض أخدانها، وهمت بقتل ولدها، فعلم بذلك أهل الإسكندرية، فأخذوه منها قهرا وجعلوه تحت رعاية الرومانيين، وقتلوها مع من اتفق معها أشنع قتلة.