الخليج الذى كان يوصل إلى السويس بالنيل فى الأزمان القديمة، والطريق المنتظمة فى الصحراء الشرقية فى الوجه القبلى، بين النيل والقصير، وجعل فيها الصهاريج والخفراء لأمن المارين والمترددين فى تلك الفيافى، فكانت المصريون ترسل تجارتها ومحصولاتها المعتادة:
كالصوف والحديد والرصاص والنحاس، وبعض أوان من الزجاج وغير ذلك إلى بلاد الهند وتستبدل تلك الأنواع/بالعاج والأبنوس والصدف، والثياب الملوّنة وغير الملوّنة، وأنواع الحرير واللؤلؤ والأحجار الثمينة، والبهارات وأنواع البخور.
[مطلب بطليموس الثانى]
كانت أيام بطلميوس بن لاجوس كلها، بالنسبة لمصر، أيام رفاهية وتقدم، وظللت أرض مصر أجنحة السعد، وأخذت الأهالى فى ازدياد الثروة.
ثم لما تقدم فى السنّ خاف على ملكه من بعده، فأشرك معه فى حكمه ولده من زوجته الثانية، وقدمه على أولاده الذين قد رزقهم من الأولى ليدرّبه على سياسة الملك، فكان الأمر بينهما بالسوية إلى أن توفى بعد ذلك بسنتين وذلك سنة ٢٨٣ قبل الميلاد، فاستقل بالحكم بعده ولقب (بغيلادلقوس (١) أى محب الإخوة؛ لأن بعض المؤرخين ذكر أنه اجتهد فى استمالة قلوب إخوته فلقب بذلك. وذكر بعضهم أنه قتلهم واحدا بعد واحد بحيل مختلفة، فلقبه أهل إسكندرية بهذا اللقب، تهكما واستهزاء. ومع ما فيه فقد اقتفى أثر والده فيما يجلب لأهل مصر السعادة، فنمت التجارة والمعارف فى أيامه نموا شهدت به التواريخ.
والمدة التى كانت ورثة إسكندر تشعل فيها نار الحروب وتسوق بها الجيوش، إلى أن خربوا جميع جهات آسيا، كان فيها بطليموس المذكور مشغولا بما يوجب رفاهية أهل مملكته، فأوسع دائرة التجارة والفلاحة، ووزع مياه النيل على الأراضى بإنشاء حلجان وجسور، حتى اكتسب بذلك شهرة لم تمحها حوادث الزمن.
(١) الصحيح «بفيلادلفوس». انظر: تاريخ مصر فى عصر البطالمة، ج ١، ص ٩٥ - ١٢٠.