دمشق وصار السلطان يرجع إلى رأيه، فلما عاد من دمشق عظم أمره حتى خلع السلطان الصالح بن قلاوون وأعيد الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، فاز دادت عظمته وانفرد بتدبير المملكة فعزل قضاة مصر والشام، ثم حقد عليه السلطان فأمسكه فى رمضان سنة تسع وخمسين مع جماعة من الأمراء، وحملهم إلى الاسكندرية فسجنوا بها وبها مات صرغتمش بعد سجنه بشهرين واثنى عشر يوما فى ذى الحجة سنة تسع وخمسين وسبعمائة.
وكان مليح الصورة جميل الهيئة يقرأ القرآن، ويشارك فى فقه أبى حنيفة وطرف من النحو، وكانت أخلاقه شرسة ونفسه قوية ولما تحدث فى البريد خافه الناس فلم يكن أحد يركب خيل البريد إلا بمرسومه، وباشر الأوقاف فعمرت ولما قبض عليه أخذ السلطان أمواله وكانت شيئا كثيرا يجل عن الوصف انتهى باختصار.
وفى تحفة الأحباب للسخاوى: أن اسم صرغتمش عثمان، انتهى.
[جامع الست صفية]
هذا المسجد بجهة الحبانية فى حارة الداوودية عن شمال الذاهب من شارع محمد على إلى قلعة الجبل.
وهو مرتفع الأرضية نحو أربعة أمتار وله بابان يصعد إلى كل منهما بعدة سلالم متسعة مستديرة، وله صحن متسع بدائرة إيوان مسقوف بقباب على أعمدة من الحجر والرخام وفى مقصورة الصلاة منبر خشب ودكة وفى دائرها شبابيك لها أبواب من الخشب عليها نقوش، ومطهرته بمرافقها منفصلة عنه بالطريق وشعائره مقامة بنظر ديوان الأوقاف.
وهو من إنشاء عثمان أغا ابن عبد الله أغاة دار السعادة، ثم آل بطريق شرعى لسيدته الملكة صفية كما فى كتاب وقفيته.
وملخص ذلك: أن الملكة علية الذات صفية الصفات والدة السلطان قد وكلت عن نفسها فخر الخواص والمقربين وذخر أصحاب العز والتمكين عبد الرزاق أغا ابن عبد الحليم أغاة دار السعادة فى دعواها: أن عثمان أغا المذكور هو عبدها ومملوكها إلى الآن فحضر بالمحكمة الشرعية وأشهد بوكالته شاهدين عدلين، وقرر دعواه بحضور فخر الأماجد داود أغا ابن عبد الدائم المتولى على وقف الجامع الشريف بجهة الحبانية الذى بناه المرحوم عثمان أغا ابن عبد الله؛ فقال ذلك الوكيل فى الدعوى: ان عثمان أغا المذكور هو عبد ومملوك موكلتى المشار إليها وأنه ليس مأذونا ببناء الجامع ولا بإيقاف بلده الملك له