ومما يحمل على زيادة الثناء، ما يشاهد خارج البلد على شاطئ المحمودية من العمارات والبساتين الفائقة، فى محل الأرض القحلة السبخة: التى كانت فى عهد قريب بعضها مغمور بمياه البحائر المالحة، وبعضها تلول، مع ما فى ذلك من الإضرار بالصحة، فسطت على ذلك كله الهمم الخديوية فحولته إلى النفع المحض.
وكما حصل احتفال الهمم الخديوية بتلك المدينة، بما ذكرنا بعضه من الأعمال الجميلة، والعمائر الجليلة، كذلك احتفلت بجميع السواحل المصرية، لا سيما سواحل الإسكندرية، فأصبحت تبدى للناظرين ما يبهر العقول من مبانى المدافعة والأسلحة المانعة، فترى فى كل موضع من تلك السواحل ما يناسبه من ذلك، على حسب التقدمات الوقتية، والتجديدات العصرية، فدائما ترى الحضرة شاملة بأنظارها جميع أهل القطر، بجلب ما يسر ودفع ما يضر، لا يعوقه أمر عن أمر، حتى صار المستظل بساحته يجد ما يستعين به على السعى فى طلب رزقه، آمنا على نفسه، مطمئنا على أهله، قد رفع أكف الضراعة والدعاء للحضرة الخديوية وأسلافه ولنسله بتخليد دولتهم وتأييد صولتهم.
وبالجملة فمآثره أشهر من أن تذكر، ومبتكرات أفكاره لا تحصى ولا تحصر:
له همم لا منتهى لكبارها … وهمته الصغرى أجلّ من الدهر
[مطلب تقسيم مدينة إسكندرية]
ثم إن هذه المدينة من حيث الضبط والربط، تنقسم إلى ثمانية أثمان، فى كل ثمنين معاون من طرف الضبطية للنظر فى الدعاوى وغيرها، وآخر للنظافة وحفظ دواعى الصحة العامة، ولكل ثمن قلق به العساكر الكافية، وشيخ ثمن من الأهالى لإجراء الرسوم السياسية، وتنفيذ مقتضيات الأحوال.