[(مطلب ترجمة على بك الكبير المعروف ببلوط قين وعمائره)]
ثم إن على بك هذا هو على بك الكبير شيخ البلد، ثم والى مصر، وهو من مماليك إبراهيم كتخدا، تابع سليمان جاويش، تابع مصطفى كتخدا، القازدغلى، تقلد الإمارة والصنجقية بعد موت أستاذه فى سنة ثمان وستين ومائة بعد الألف، وكان يلقب بجن على وببلوط قين، وكان شديد المراسى قوى الشكيمة، عظيم الهمة، لا يرضى لنفسه بدون السلطنة العظمى والرياسة الكبرى، ولم يزل يرقى مدارج السعود حتى عظم شأنه وطار صيته ونما ذكره، وحارب وقاتل، وجمع الأموال، وهزم أعاظم الشجعان ومقادم البلدان، وشتت شملهم وفرق جمعهم، ووقع له من الحوادث والنوادر مع خشداشيه وغيرهم ما وقع.
ثم بعد ذلك استكثر من شراء المماليك، وجمع العساكر من سائر الأجناس، واستخلص بلاد الصعيد وقهر رجالها الصناديد، ولم يزل يمهد لنفسه حتى خلص له ولأتباعه الأقليم المصرى من الإسكندرية إلى أسوان، ثم جرد عساكره إلى البلاد الحجازية ونفذ أغراضه بها، ثم التفت إلى البلاد الشامية وأرسل إليها التجاريد، وقتل عظماءها وأمراءها، واستولت أتباعه عليها، وأقاموا بحصار يافا أربعة أشهر حتى ملكوها، وعمّر قلاع الإسكندرية ودمياط، وأنزلها عساكره ومنع ورود الولاة العثمانيين، ولم يزل يمهد الأراضى ويشتت الأعادى، حتى وافاه الحمام سنة خمس وثمانين ومائة وألف، فى داره التى بدرب عبد الحق المطلة على بركة الأزبكية رحمه الله تعالى.
ومن إنشائه العمارة العظيمة بطنتدا وهى المسجد الجامع والقبة التى على مقام سيدى أحمد البدوى ﵁، والمكاتب والميضأة الكبيرة والحنفية والمراحيض والمنارتان العظيمتان والسبيل المواجه للقبة، والقيسارية العظيمة النافذة من الجهتين، وما بها من الحوانيت.