[(المبحث السابع فيما يختص بالهرم الكبير من الأبعاد والمزايا)]
قال على بن رضوان الطبيب: إن قياس الهرم الأول (أى الكبير من أهرام الجيزة الثلاثة) بالذراع التى تقاس بها اليوم الأبنية بمصر، كل حاشية منه أربعمائة ذراع، تكون بالذراع السوداء التى طول كل ذراع منها أربعة وعشرون إصبعا: خمسمائة ذراع، وذلك أن قاعدته مربع متساوى الأضلاع والزوايا، ضلعان منهما على خط نصف النهار، وضلعان على خط المشرق والمغرب، وكل ضلع بالذراع السوداء خمسمائة ذراع، والخط المنحدر على إستقامة من رأس الهرم إلى نصف ضلع المربع أربعمائة وسبعون ذراعا، يكون إذا تمم أيضا خمسمائة ذراع.
وأحيط بالهرم أربع مثلثات ومربع، كل مثلث منها متساوى الساقين، كل ساق منه إذا تمم خمسمائة وستون ذراعا. والمثلثات المربعة تجتمع رؤسها عند نقطة واحدة، وهى رأس الهرم إذا تمم، فيلزم أن يكون عموده أربعمائة ألف ذراع، إذا اجتمع تكاسيرها كان مبلغ تكسير سطح هذا الهرم خمسمائة ألف ذراع بالسوداء. وما أحسب على وجه الأرض بناء أعظم منه، ولا أحسن هندسة، ولا أطول. انتهى. مقريزى.
وقال بعض السياحين إن زوايا هذا الهرم الأربع محررة بالإحكام نحو الأربع نقط الأصلية. أعنى الشرق والغرب والشمال والجنوب. وقد أمعن النظر فيه بعض الفلكيين فى زمن دخول الفرنساوية مصر، فوجد فرقا فى تحرير الضلع البحرى منه، ووجد أن إنحرافه عن خط الشرق والغرب ١٩ و ٢٨، واستنتج أن الخط الجانبى الذى أسس عليه وضع شكل الهرم قد انحرف بقدر عشرين دقيقة إلى جهة الغرب، ولكن لا يمكن الحكم بذلك بطريقة قطعية، لزوال الكسوة التى كانت عليه، وعسر تعيين نهايات الدرجات المحددة الآن للأوجه، وأيضا هذا الأنحراف يسير جدا، وهو مغتفر فى القياس، وأغلب من كتب على هذا الهرم حكم بإحكام تحرير زواياه.