أدباء هذا العصر تتضمن ذلك، وكتب مضمون ذلك كله فى رق متين ووضع مع صرة من النقود فى إناء يسمى متريانا من البلور، ووضع ذلك المتريان فى صندوق من الرصاص على قدره، ووضع ذلك الصندوق فى حجر كبير محفور بقدر الصندوق مغطى بحجر آخر، ووضع ذلك الحجر فى أساس البناء بإزاء شيخ الإسلام وهو أول موضوع فى الأساس، والواضع للصندوق الرصاص فى الحجر بيده حضرة الخديوى اعتناء بهذا المسجد الجليل ومحبة فى هذا الإمام العظيم وخدمة له ﵁ ونفعنا به.
وكان ذلك يوم الثلاثاء سابع شعبان آخر مولد سيدنا الإمام ﵁ فى هذا العام، وجعل المسجد مربعا تربيعا حسنا وحول تربيعه عن الوضع الأول حتى صار المحراب فى وسط الجدار بعد أن كان فى زاوية المسجد الجنوبية الشرقية والراسم لمحرابه العالم الميقاتى الشهير الغازى أحمد مختار باشا، وجعل طوله ثلاثين مترا وعرضه كذلك، وجعلت له رحبة بين المسجد وبين المطهرة طولها ثلاثون مترا فى عرض ثمانية أمتار، ورسم له حنفية فى بيت مستقل وميضأة واسعة فى مكان متسع وبيوت أخلية فى مكان متسع أيضا منعزل عن الميضأة خلفها، وهو الآن جار فيه العمل بالاجتهاد والهمة التامة.
نسأل الله تعالى إتمامه على أحسن حال، وأن ينفعنا بهذا الإمام الجليل ﵁.
وأما المشهد الشريف والضريح المنيف فهو من أشهر مزارات قرافة مصر، كما فى خطط المقريزى، قال:
توفى الشافعى ﵁ بفسطاط مصر وحمل على الأعناق حتى دفن فى مقبرة بنى زهرة أولاد عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى، وعرفت أيضا بتربة أولاد ابن عبد الحكم. قال القضاعى: وقد جرب الناس خير هذه التربة المباركة والقبر المبارك، ثم قال: ولم يزل قبر الشافعى يزار ويتبرك به إلى أن كان يوم الأحد لسبع خلت من جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة فانتهى بناء هذه القبة التى على ضريحه.
[ذكر من انشا قبة الامام الشافعى ﵁.]
وقد أنشأ هذه القبة المباركة الملك الكامل المظفر المنصور أبو المعالى ناصر الدين محمد ظهير أمير المؤمنين ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب، وبلغت النفقة عليها خمسين ألف دينار مصرية، وأخرجت فى وقت بنائها عظام كثيرة من مقابر كانت هناك ودفنت فى موضع من القرافة.