وكان سبب ذلك: أنه لما قتل ابنه إسماعيل بيك بالسودان ونقله إلى مصر بنى له قبرا بقرب الإمام وبنى حوله أبنية وأجرى الماء إليها؛ فكلمه الشيخ حسن القويسنى أن يوصلها إلى مطهرة الإمام ففعل، واستمر استعمالها إلى سنة تسع وثمانين فأجرى ديوان الأوقاف عمارة فى الميضأة والأخلية وجدد ماسورة تحت الأرض متصلة بماسورة وابور الماء الذى عمل لسقى مصر والقاهرة وصارت هى الموصلة الماء إلى الإمام وما حوله من العمائر. وكان أهل تلك الجهة قبل/ذلك يشربون من ماء النيل المجلوب بمجراة سواقى بركة الحبش، ولما أنشئت الماسورة جعلت هناك حنفية لبيع الماء على السكان على جرى عادة الحنفيات؛ فالتزم سعادة الأمير رياض باشا أن يشتريها من ماله كل سنة من الملتزمين
باثنين وسبعين جنيها مصريا ويطلقها للناس إحسانا منه، وذلك من ابتداء سنة اثنتين وتسعين فينقل منها الآن جيرة الإمام الليث وسيدى عقبة والسادات الوفائية وغيرهم مجانا جزاه الله خيرا.
وفى عام ثلاث وثلثمائة وألف تشعث بعض جدران المسجد فتعلقت إرادة عزيز مصر الأكرم أفندينا المفخم محمد توفيق باشا بتجديده وتوسعته لضيقه بالناس التى كانت تجتمع فيه أيام المواسم كالأعياد وغيرها؛ فصدر أمره الكريم بذلك.
وكان الناظر على ديوان الأوقاف وقتئذ الأمير الكبير محمد زكى باشا؛ فانتهض لهذا الأمر انتهاضا حسنا واشترى الأماكن المجاورة للمسجد من جهة الطرقة المبلطة التى كانت بها أبواب المسجد مع البيوت التى عن يسار السالك من هذه الطرقة ذاهبا جهة الإمام الليث ﵁، وكذا الأماكن المتصلة بالميضأة من الجهة البحرية، وأدخل بعضها مع بعض الطرقة فى المسجد وترك الباقى متسعا قدامه، وشرع فى هدم المسجد القديم فى جمادى الآخرة من هذا العام، وابتدأ حفر الأساس من الجهة المجاورة لمقام شيخ الإسلام زكريا ﵁.
وكان يوم وضع الأساس يوما مشهودا؛ فحضر لذلك جناب الخديوى المعظم مع أعيان دولته وأمرائها وحضرة المشير الجليل دولتلو الغازى أحمد مختار باشا وحضرات العلماء الكرام والفضلاء الفخام وأعيان مصر وأكابرها؛ فاجتمعوا فى موضع المسجد القديم فى مجلس جليل حافل وزىّ جميل وشكل حسن، وتليت فى هذا المجلس مقالة تتضمن الثناء على حضرة خديوى مصر وأعيان دولته وسبب تجديد المسجد وأن الآمر بذلك حضرة الخديوى مع نسبه الشريف، وتليت مع ذلك قصائد جليلة لبعض