ونقل أيضا فى باب فضائل مصر من خططه عن صاعد اللغوى أنه قال فى كتاب طبقات الأمم: إن جميع العلوم التى ظهرت قبل الطوفان إنما صدرت عن هرمس الأول الساكن بصعيد مصر الأعلى، وهو أول من تكلم فى الجواهر العلوية والحركات النجومية، وهو أول من ابنتى الهياكل ومجد الله فيها، وأول من نظر فى علم الطب، وألّف لأهل زمانه قصائد موزونة فى الأشياء الأرضية والسماوية، وقالوا إنه أول من أنذر بالطوفان، ورأى أن آفة سماوية تصيب الأرض من الماء والنار، فخاف ذهاب العلم واندراس الصنائع، فبنى الأهرام والبرابى التى فى صعيد مصر الأعلى، وصوّر فيها جميع الصنائع والآلات، ورسم فيها صفات العلوم حرصا على تخليدها لمن بعده، وخيفة أن يذهب رسمها من العالم. وهرمس هذا هو إدريس ﵇. انتهى.
ونقل فى الكلام على الأهرام أيضا عن أبى يعقوب محمد بن إسحاق النديم الوراق فى كتاب الفهرست: أنه أختلف فى أمر هرمس البابلى، فقيل إنه كان أحد السدنة السبعة الذين رتبوا لحفظ البيوت السبعة، وإنه كان لترتيب عطارد، وباسمه سمى عطارد باللغة الكلدانية هرمس. وفى الكنز المدفون والفلك المشحون للجلال السيوطى: أن هرمس اسم لعطارد، كما أن كيوان اسم لزحل، وتير اسم للمشترى، ويسمى المشترى أيضا البرجيس، وللمريخ بهرام، وللشمس مهر، وللزهرة أناهيد وبيدخت أيضا، وللقمر ماه. وقد جمعت فى بيتين وهما هذان
لا زلت ترقى وتبقى فى العلا أبدا … ما دام للسبعة الأفلاك أحكام
مهر وماه وكيوان وتير معا … وهرمس وأناهيد وبهرام
وأقربهم إلينا القمر، وفوقه عطارد، ثم الزهرة، ثم الشمس، ثم المريخ، ثم المشترى، ثم زحل. انتهى.