الخلوتيه وعلا قدره وظهر أمره، ولما كثرت جماعته تحول إلى زاوية بالقرب من قنطرة سنقر على الخليج. وكان هينا لينا متواضعا للزائرين، مهيبا على السالكين، أخلى مرة رجلا فقال: يا سيدى أدركت كل ما يدرك بالقوى الحواس بذاتى، حتى كأنى عين الاسم الذى أشتغل به من جميع جهاتى، فزجره زجرة مزعجة ارتعدت منه جميع جوارحه فزال منه ذلك. وكان هو والعارف الشعرانى فى عصر واحد يقصدان للزيارة والتسليك، فلما مات الشعرانى انفرد الخلوتى بالوجاهة وأقبل عليه الخاص والعام. ولم يزل الشيخ مقيما على الإرشاد، وأمره دائما فى ازدياد، بحيث إنه إذا خرج من الشارع يكثر الزحام على تقبيل يديه ورجليه، وما برح كذلك حتى وافاه الحمام فى جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وتسعمائة عن نحو تسعين سنة، وأغلقت البلد لمشهده، وحمل نعشه على الأصابع من زاويته إلى الجامع الأزهر وصلى عليه فيه، ثم رجعوا به ودفن بزاويته رحمه الله تعالى انتهى.
[جامع الخندق]
فى المقريزى أن هذا الجامع بناحية الخندق خارج القاهرة. ولم يزل عامرا بعمارة الخندق، فلما خربت مساكن الخندق تلاشى أمره، ونقلت منه الجمعة، وبقى معطلا إلى شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة، فأخذ الأمير طوغان الحسنى الدوادار عمده الرخام وسقوفه وترك جدرانه ومنارته، وهى باقية، وعما قليل تدثر كما دثر غيرها مما حولها انتهى. وليس له الآن أثر، وعمده نقلها منه طوغان ووضعها فى جامع إبراهيم أغا بالتبانة-كما فى المقريزى- وهى به إلى الآن.
جامع الخوّاص
هو بحارة الخوّاص من الحسينية على يسار الذاهب من الحارة إلى السور المطل على باب النصر بقرب الموضع المعروف بالزلاقة. وبه منبر وخطبة وشعائره مقامة بنظر ديوان الأوقاف.
وفيه ضريح سيدى على الخواص ﵁ عليه قبة صغيرة، وله حضرة كل أسبوع ومولد سنوى، وقد ذكرنا مناقبه من طبقات تلميذه سيدى عبد الوهاب الشعرانى فى الكلام على بلدته البرلس.
وبجواره ضريح يقال إنه للشيخ محمد أبى البركات.
وبجواره ضريح عليه مقصورة من الخشب يقال إنه للشيخ يوسف العبرى.