قال القريزى، وقال شافع بن على فى كتاب عجائب البلدان: وعين شمس مدينة صغيرة، يشاهد سورها محيطا بها مهدوما، وما يظهر من أمرها أنها كانت بيت عبادة، وفيها من الأصنام الهائلة العظيمة الشكل من نحيت الحجارة ما طول الصنم منها نحو ثلاثين ذراعا وأعضاؤه على نسبة ذلك العظم، وكل هذه الأصنام قائمة على قواعد وبعضها قاعد على نصبات عجيبة. وباب المدينة موجود إلى الآن، وعلى معظم تلك الحجارة تصاوير على شكل الإنسان وغيره من الحيوان، وكتابة كثيرة بالقلم المجهول، وقلما ترى حجرا خاليا عن كتابة أو نقش صورة، وفيها المسلتان المشهورتان تسميان مسلتى فرعون.
وصفه المسلة قاعدة مربعة طولها عشرة أذرع فى مثلها عرضا فى نحوها سمكا قد وضعت على أساس ثابت فى الأرض، ثم أقيم عليها عمود مثلث مخروط ينيف طوله على مائة ذراع يبتدئ من القاعدة ببسطة قطرها خمسة أذرع وينتهى إلى نقطة وقد لبس رأسها بقلنسوة نحاس إلى نحو ثلاثة أذرع منها كالقمع، وقد تزنجر بالمطر وطول المدة، واخضر وسال من خضرته على بسيط المسلة، وكلها عليها كتابات بذلك القلم.
وكانت المسلتان قائمتين ثم خربت إحداهما وانصدعت من نصفها لعظم الثقل وأخذ النحاس عن رأسها، ثم أن حولها من الأصنام شيئا كثيرا لا يحصى عدده، وقلما يوجد فى هذه المسلات الصغار ما هو قطعة واحدة بل فصوصها بعضها على بعض وقد تهدم أكثرها وإنما بقيت قواعدها.
وقال محمد بن إبراهيم الجزرى فى تاريخه: وفى رابع شهر رمضان-يعنى من سنة ست وخمسين وستمائة-وقعت إحدى مسلتى فرعون التى بأراضى المطرية من ضواحى القاهرة فوجدوا داخلها مائتى قنطار من النحاس، وأخذ من رأسها عشرة آلاف دينار.