فأولهم السلطان الملك المنصور سيف الدين أبو بكر، مكث شهرين إلا يوما، وخلعه الأمير قوصون نائب السلطنة سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، لفساده وشربه الخمور، ونفى هو وإخوته إلى قوص، فقتل هناك.
***
ثم تولى الملك الأشرف علاء الدين كجك (١) أخوه، ولم يكمل له من العمر ثمان سنين، فأقام خمسة أشهر وعشرة أيام، وكانت الأمور كلها بيد قوصون أتابك السلطنة، فأخذ يمهد الأمور لنفسه، ويعزل ويولى فى الأمراء، وقبض على كثير منهم، فحقدوا عليه، وتعصب جماعة من نواب الشام وأمرائها بشهاب الدين أحمد بن الناصر، وكان فى الكرك، وانضموا إليه، واتفقوا على إقامته فى السلطنة بدل أخيه كجك، وقام بمصر الأمير إيدوغمش، وانضم إليه كثير من الأمراء والعسكر، فقبض على قوصون، وسجنه، وأرسله إلى الإسكندرية مقيدا، وسجن بها، وخلع كجك فى شعبان سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، ودخل إلى دار الحرم، فبقى بها إلى أن مات.
***
وقام بأمور السلطنة بعد خلعه الأمير أيدوغمش إلى أن حضر شهاب الدين أحمد بن الناصر، فلما جاء فى شوال من السنة المذكورة، جلس على تخت مصر، وتلقب بالملك الناصر، فساءت سيرته، وقبض على جماعة من الأمراء، وقتل بعضهم، ومضى إلى الكرك، فأرسل إليه الأمراء فى الحضور إلى مصر، فأبى معتذرا بالشتاء، فخلعوه فى المحرم سنة ثلاث وأربعين، فكانت مدته ثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوما، وأقام بالكرك، إلى أن قتل فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
***
والذى تولى السلطنة بعد خلعه أخوه الملك الصالح عماد الدين اسماعيل أبو الفداء فى أول سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فأحسن السير، وأظهر العدل، وكان له بر وصدقات.
وفى سنة خمس وأربعين وسبعمائة أرسل جندا لقتال أخيه أحمد فى الكرك، فقاتلوه وحاصروه إلى أن استسلم، فقبضوا عليه وقتل.
واستمر الصالح فى السلطنة إلى أن مرض، ومات على فراشه سنة ست وأربعين وسبعمائة، فكانت مدته ثلاث سنين وشهرين وعشرة أيام.