للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى الإيوان المؤخر ضريح شيخ يقال له الشيخ محمد قوام الدين عليه تركيبة رخام مكتوب بدائرها آية الكرسى، وحوله بناء لطيف فيه قبلة وأرضه مفروشة بالرخام الملون، وله منارة ثلاثة أدوار وبه سبيل جعل فيما بعد مكتبا، وله أوقاف تحت نظر الديوان.

وقد ذكرها المقريزى فى المدارس فقال: المدرسة الصرغتمشية خارج القاهرة بجوار جامع الأمير أبى العباس أحمد بن طولون فيما بينه وبين قلعة الجبل. كان موضعها قديما من جملة قطائع ابن طولون ثم صار عدة مساكن فأخذها الأمير سيف الدين صرغتمش الناصرى رأس نوبة النوب وهدمها، وابتدأ فى بناء المدرسة من يوم الخميس من شهر رمضان سنة ست وخمسين وسبعمائة، وانتهت فى جمادى الأولى سنة سبع وخمسين.

وقد جاءت هذه المدرسة من أبدع المبانى وأجلها وأحسنها قالبا وأبهجها منظرا فركب إليها ومعه عدة من الأمراء وقضاة القضاة الأربعة ومشايخ العلم، ورتب مدرس الفقه بها قوام الدين أمير كاتب ابن أمير عمر العميد فألقى الدرس، ثم مد سماط جليل بالهمة الملوكية وملئت البركة التى بها سكرا قد أذيب بالماء فأكل الناس وشربوا وأبيح ما بقى للعامة، وجعل هذه المدرسة وقفا على فقهاء الحنفية الآفاقية، ورتب بها درس حديث وأجرى لهم معاليمها من وقف رتبه.

وقال فيها أدباء العصر شعرا كثيرا وخلع على قوام الدين فى هذا اليوم خلعة سنية وأركبه بغلة رائعة وأجازه بعشرة آلاف درهم عل أبيات مدحه بها مطلعها:

أرأيتم من حاز الرتبا … وأتى قربا ونفى ريبا

فبدا علما وسما كرما … ونما قدما ولقد غلبا

[ترجمة صرغتمش الناصرى]

صرغتمش الناصرى الأمير سيف الدين رأس نوبة جلبه الخواجا الصواف فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، فاشتراه السلطان الناصر محمد بن قلاوون بمائتى ألف درهم فضة عنها يومئذ نحو أربعة آلاف مثقال ذهبا، وخلع على الخواجا تشريفا كاملا بحياصة ذهب وكتب له توقيعا بمسامحة مائة ألف درهم من متجره فلم يعبأ به السلطان وصار من جملة الجمدارية وأنعم عليه بعشر طاقات أديم طائفى، ولم يزل خامل الذكر إلى أيام المظفر حاجى بن محمد بن قلاوون فبعثه إلى حلب مع الأمير فخر الدين السلحدار لما استقر فى نيابة حلب. فلما عاد ترقى فى الخدمة وتوجه فى خدمة محمد بن قلاوون إلى