القرآن على أبيه و «المنهاج الفرعى» و «الأصلى»«وألفية ابن مالك»، ثم قدم القاهرة واشتغل بالعلوم فأخذ الفقه عن الشمس الشطنوفى والبرهان ابن حجاج الإبناسى والبيجورى والولى العراقى والشمس البرماوى وغيرهم، وأخذ النحو عن البوصيرى والعز عبد السلام البغدادى وابن الهمام، ودخل دمياط والإسكندرية وسمع بها على قاضيها الجمال الدمامينى وتقدم، وأشير إليه بالجلالة والوجاهة، وصنف كتابا سماه «إلقاء الجمر على من يشرب الخمر»، وكان خيرا ثقة شهما عالى الهمة ضابطا لكثير من الوفيات والوقائع التى أدركها، متين المذاكرة لهجا بالذكر وبالأوراد والتوجه لاسيما فى وقت السحر، كثير الصلاة على النبى ﷺ، غير غافل عن الترحم لمشايخه وأصحابه ومعارفه، سريع الدمعة والرجوع، قلّ أن يدّاهن فى الحق أو يدارى فيه، منجمعا عن بنى الدنيا متوددا لمن يعرف منه الخير، ذا فتوة ورغبة فى التصدق مع التقلل، بحيث إنه قلّ أن يسأله فقير فيما يكون موجودا عنده إلا ويجيبه، وربما قصد الأيتام ونحوهم بالإطعام، ومحاسنه جمة، وهو فى أواخر عمره أحسن منه فى كل ما أشرت إليه، توعك نحو عشرة أيام بالإسهال المفرط ومات وهو ممتع بحواسه، بحيث يمشى الأماكن البعيدة ويكتب الخط الدقيق، فى ليلة الجمعة الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة تسع وسبعين، وصلى عليه من الغد فى مشهد حافل، ودفن بحوش صوفية سعيد السعداء، بجوار التاج الغرابيلى والمجد البرماوى والبدر البغدادى الحنبلى، رحمهم الله تعالى.
[ترجمة الشيخ عبد اللطيف السنباطى]
ومنها أيضا عبد اللطيف بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن مسعود السنباطى ثم القاهرى العطار أخو الشمس محمد، ولد فى أول سنة تسع عشرة وثمانمائة بسنباط ونشأ بها، فقرأ اليسير وقدم مع أبيه وأخيه القاهرة فى سنة إحدى وثلاثين، فكان مع أبيه فى التسبب بحانوت من باب الزهومة فى العطر، وسمع على شيخ الإسلام ابن حجر وغيره، وأجازه خلق وحج ومرارا،