هو الجامع العتيق بمدينة فسطاط مصر ويقال له: تاج الجوامع، وهو أول مسجد أسس بديار مصر فى الملة الإسلامية بعد فتحها، وذلك أنه لما افتتح عمر بن الخطاب ﵁ البلدان كتب إلى عماله بالبصرة والكوفة والشام ومصر أن يتخذوا للقبائل مساجد، فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة، وكان عامل مصر يومئذ عمرو بن العاص ﵁ قبنى هذا الجامع.
قال هبيرة بن أبيض: إن قيسبة بن كلثوم التجيبى أحد بنى سوم سار من الشام إلى مصر مع عمرو بن العاص فدخلها فى مائة راحلة وخمسين عبدا وثلاثين فرسا، فنظر قيسبة فرأى جنانا تقرب من الحصن فعرج إليها وأقام فيها، ثم خرج مع عمرو وخلف أهله فيها، ثم بعد فتح الإسكندرية عاد قيسبة إلى منزله واختط عمرو داره مقابل تلك الجنان، وتشاور المسلمون أين يكون المسجد الجامع، فرأوا أن يكون منزل قيسبة. فسأله عمرو فيه فقال:
إنى حزت هذا المنزل وإنى أتصدق به على المسلمين. وارتحل منه؛ فبنى مسجدا فى سنة إحدى وعشرين من الهجرة. قال أبو مصعب قيس بن سلمة الشاعر فى قصيدته التى امتدح فيها عبد الرحمن بن قيسبة:
وأبوك سلم داره وأباحها … لجباه قوم ركع وسجود
وقال الليث بن سعد: كان مسجدنا هذا حدائق وأعنابا. وقال ابن أسعد الجوانى: وقد بقى إلى الآن فى موضع جامع مصر شجرة زنزلخت (١)، وهى خلف المحراب الكبير والحائط
(١) الزنزلخت: شجرة جميلة، مهدها الأصلى بلاد فارس، تزرع للتزيين بالشرق الأوسط، زهرها مجتمع على شكل عنقود وخشبها جيد (المنجد: زنز).