للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[(مقياس النيل فى زمن الأيوبية)]

هذه المدة تشتمل على تاريخ المقياس من ابتداء تولية الأيوبية إلى زمن تولية معز الدين أيبك أول [المماليك] (١) البحرية، وهى عبارة عن إحدى وثمانين سنة، لم يظهر فيها عمارة فى المقياس، بل فى زمن الملك الناصر محمد سنة أربع وتسعين وستمائة من الهجرة، بناء على ما ذكره ابن إياس، حصل وفاء النيل فى اليوم السادس من أيام النسئ، وبلغ النيل ستة عشر ذراعا وسبعة عشر إصبعا، وغلا سعر الغلة حتى وصل سعر الأردب ثمانية مثاقيل ونصفا ذهبا، ثم بعد عزل الملك الناصر، تولى بعده سنة أربع وتسعين وستمائة الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى؛ فأقام فى الحكم سنتين وتنازل عنه ثم فى سنة ست وتسعين وستمائة من الهجرة، وصل ارتفاع النيل فى شهر توت خمسة عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا، ونزل بعد ذلك فحصل قحط فى جميع بلاد الديار المصرية، ووصل ثمن الأردب من القمح سبعين درهما ومائة درهم، وثمن الأردب من الشعير عشرين درهما ومائة درهم، وأكلت الناس الجمال والخيل والبغال والحمير والقطط والكلاب، وامتد أمر القحط إلى بلاد الشام، وفى سنة ست عشرة وسبعمائة حصل الوفاء فى اليوم السادس من مسرى، ووصل النيل إلى أربعة وعشرين ذراعا على قول المقريزى فى الخطط، وقول السيوطى في كتابه «كوكب الروضة».

وأمر الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون بعدم المناداة؛ لأنه كان يخاف الغرق، واتفق أن النيل بقى على هذا الارتفاع إلى خمس وعشرين من شهر توت، فحصل رعب، وعلت المياه على جسر الفيوم، وعسر المرور، وغرقت جزيرة الفيل (٢) الكائنة فى مقابلة القاهرة، وكانت قد تكوّنت فى


(١) فى الأصل: الجراكسة. وهو خطأ.
(٢) كانت بلدا كبيرا خارج باب البحر من القاهرة، تتصل بمنية السيرج من شمالها، ويمر النيل من غربها. الفضائل الباهرة/ ٢٠٢.