أنه لما دخل الفرنساويون أرض مصر، حاصرهم الإنكليز، وكانت مراكبهم تتردد فى سواحل البحر، فحصل بين الإنكليز ومحافظى إسكندرية فى بعض الواقعات واقعة انتصر فيها الإنكليز، وانهزم الفرنساوية ودخلوا المدينة، فعمدوا إلى جسر بحيرة المعدية وقطعوه؛ لأجل قطع الزخرة والذخيرة والإمداد التى ترد إليهم من مدينة القاهرة، فملأ المالح جميع بحيرة مريوط، ودخلها مراكب الإنكليز، وساروا بها إلى جهات كثيرة، وانقطع الاتصال بين خارج المديرية وداخلها.
ولما ارتحل جيش الفرنساوية بعد المصالحة التى صارت مع الدولة العلية، سد الترك القطع، فجفت البحيرة قليلا، وقطعه الإنكليز ثانيا بعد وقعة رشيد التى حصلت سنة ١٨٠٧ من الميلاد، فإنهم لما حبسوا أنفسهم داخل المدينة، أدخلوا ماء البحر فى البحيرة فامتلأت بالماء، وبقيت كذلك إلى خروجهم، وسد القطع المذكور، وبقى على ذلك إلى الآن، وفى كل سنة تصرف الحكومة عليه مبلغا جسيما.
[مطلب واقعة رشيد]
وملخص واقعة رشيد المذكورة هو أنه بعد خروج الفرنساوية، كانت الفتن كثيرة وكان ثورانها من الإنكليز؛ لأنهم كانوا يرغبون فى رجوع مصر إلى حكم المماليك، بسبب ما كان حاصلا بينهم من الاتفاق، وإلى ذلك الوقت كان العزيز آخذا بزمام الأحكام بمقتضى الفرمان العالى.
وفى سنة ١٨٠٧ أحضروا ٢٥ سفينة إنكليزية، وبخيانة أمين أغا المحافظ وتواطئه معهم، فتح لهم أبواب المدينة، وكان العزيز فى ذلك الوقت بالأقاليم القبلية خلف المماليك، ولم يكن بمدينة رشيد إلا قليل من المحافظين، فأرسل الإنكليز إليها عسكرا، فلما بلغ المحافظين قدومهم خرجوا منها وتركوها لهم.