ناحية العطف فصلح وأنتج المطلوب فاستمر على ما هو عليه الآن، وكان ذلك سببا فى عمارة ناحية العطف واتساعها وكثرة خيراتها حتى ألحقت بالبنادر، حيث كانت مرسى للسفن التجارية الداخلية والخارجية، وجعل انتهاؤها البحر الأبيض بحيث تصب قريبا من مصب الخليج القديم. الذى كان فى زمن البطالسة.
وبتمامها على هذا الوجه/حصل منها المقصود من المنافع العميمة والفوائد الجسيمة، مما ذكرنا وخلافه، كإحياء غالب الأراضى التى بجوانبها من ناحية العطف إلى الثغر، بعد أن كانت ميتة غير صالحة للزراعة، بسبب هجرها من قلة وصول الماء إليها، مع أنها كانت فى قديم الزمان معمورة بالناس وأصناف المزروعات، بل حصل بحفرها إحياء كثير من الأراضى البعيدة عن شواطئها بواسطة المساقى والترع التى تفرعت عنها من الجانبين على توالى الأزمان، حتى بلغ ما أحيى بها ١١٥٤٥ فدانا وكان الصالح قبل ذلك لا يزيد على ٤٠٠٠ فدان.
[مطلب ذكر تاريخ عمل هويسات المحمودية]
وهكذا لم تزل المزارع والأحياء تتزايد بسبب تلك الترعة، إلى وقتنا هذا فقد بلغ الصالح للزراعة زيادة عن مائة ألف فدان، حتى استوجب عدم كفاية ماء المحمودية بجميعه، واحتيج إلى تركيب وابورات العطف. ثم أنه عند تمام حفرها جعل فى فمها وفى مصبها قناطر فكانت مانعة لمراكب النيل من الدخول فيها وكانت التجارات الآتية من القطر إلى إسكندرية تنقل عند فمها إلى مراكب أخر من مراكب المحمودية وعند وصولها إلى الثغر ينقل ما كان منها على ذمة الأجنبيين إلى مراكب البحر الملح، وما كان على ذمة الأهالى يخرج إلى البر، وكذلك التجارات الآتية من الأقطار الأجنبية فكانت تنقل مرتين ولا يخفى ما فى ذلك من الضرر والخطر فصدرت أوامره السنية بإزالة تلك القناطر.
وعمل هويسات فى فمها وفى مصبها وذلك سنة ١٨٤٢ ميلادية موافقة سنة ١٢٥٨ هجرية فعملت على هذا الوجه الذى هى عليه الآن بأن جعل فى فمها هويسان أحدهما صغير عرضه أربعة أمتار للمراكب الصغيرة والآخر كبير سعته ثمانية أمتار للمراكب الكبيرة وفى مصبها كذلك فارتفعت بذلك الصعوبات وخفت المصاريف.