ثم بعد عطفة الشيخ شهاب عطفة البركة المعروفة ببركة الرطلى، بآخرها جامع الحريشى، بين دار الأمير سليم باشا السلاحدار ودار الأمير حسين باشا الخازندار. وهذا الجامع هو الذى عبر عنه المقريزى بجامع بركة الرطلى فقال: أنشئ هذا الجامع، وكان ضيقا قصير السقف، وفيه قبة تحتها قبر يزار، وهو قبر الشيخ خليل بن عبد ربه-خادم الشيخ عبد المتعال-توفى فى المحرم سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، فلما سكن الوزير الصاحب سعد الدين إبراهيم بن بركة البشيرى بجوار هذا الجامع هدمه، ووسع فيه، وبناه هذا البناء سنة أربع عشرة وثمانمائة، وهو عامر إلى الآن، وشعائره مقامة من ريع أوقافه. وذكر المناوى فى طبقاته، وكذا الشعرانى أن الشيخ يوسف الحريشى هو من جماعة الشيخ ابن عنان، مات سنة أربع وعشرين وتسعمائة ودفن بجامع البشيرى ببركة الرطلى. (انتهى). (قلت): وهذا هو السبب فى تسمية الجامع بجامع الحريشى.
ويؤخذ من كلام الشعرانى فى طبقاته أنه كان بالقرب من بركة الرطلى كوم مدفون به جماعة من الصالحين منهم الشيخ حسن العراقى، المتوفى سنة ثلاثين وتسعمائة، وسيدى حبيب المجذوب، وترجم لهما وأثنى على كل منهما. والآن قد زال هذا الكوم وزال ما كان عليه من المبانى والقبور، ولله عاقبة الأمور.
[[بركة الرطلى]]
وأما بركة الرطلى فقد ذكرها المقريزى فى البرك فقال: هذه البركة فى الجهة البحرية من مدينة مصر غربى جامع الظاهر. (انتهى). (قلت): وقد زالت وردمت من أتربة الكيمان التى كانت هناك، وذلك فى مدة نظارتى على ديوان الأشغال زمن الخديو إسماعيل باشا، وكان محلها على يمين السالك من طريق العباسية من ابتداء الخليج الكبير.
وفى خطط الفرنساوية كان جامع البكرية قريبا من نهايتها الشرقية، وجامع الحريشى فى زاويتها القبلية الشرقية، ويظهر من صورتها على الرسم أنها كانت فى غاية العظم، فإن طولها كان نحو ثلثمائة متر وخمسين مترا، وعرضها المتوسط قريبا من مائة متر، ومساحتها تقرب من تسعة فدادين مصرية.