وفى هذه السنة ختنه ومعه ألف وستمائة وخمسة وأربعون صبيا من أولاد الناس، سوى أولاد الأمراء والأجناد، وأمر لكل صغير منهم بكسوة على قدره، ومائتى درهم، ورأس من الغنم.
وفى سنة خمس وستين وستمائة أعاد الخطبة إلى الأزهر، كما تقدم فى الكلام على السلطان صلاح الدين، وشدّد فى منع المفاسد، وإبطال المنكرات، فرسم بإبطال ضمان الحشيش، وإراقة الخمور، وإبطال المفسدات والخواطئ من البلاد المصرية والشامية، وحبسن حتى يتزوجن، وأسقطت الضرائب التى كانت مرتبة عليهن، وكانت ألف دينار كل يوم فى القاهرة وحدها. وكتب بذلك توقيعا قرئ على منابر مصر والقاهرة، وسارت البرد بذلك إلى الآفاق وجعل حد السّكر السيف.
وفى سنة ست وستين وستمائة قرر الظاهر بمصر أربعة قضاة وهم: شافعى، ومالكى، وحنفى، وحنبلى. وكان القاضى قبل ذلك شافعيا، فسئل فى أمر فامتنع من الدخول فيه، فنشأ عن ذلك ما ذكر.
ولما حجّ سنة سبع وستين وستمائة، وزار ضريح النبى ﷺ، أحسن إلى أهل الحرمين، وتكرّم وتفضّل على الناس، وغسل الكعبة بماء الورد بيده، وتوجه إلى الخليل ﵊، وزار ضريح الخليل إبراهيم ﵊، وسار إلى بيت المقدس، وصلى فى المسجد الأقصى، ورجع إلى دمشق، وأراق جميع الخمور.
فكان رحمه الله تعالى - مع اشتغاله بالجهاد ومباشرته للحروب بنفسه وتوزيع أوقاته فى ذلك - لا يفتر عن إقامة شعائر الدين، وإبطال المنكرات.
[[سكنى التتر فى اللوق]]
وأول ما بنيت الدور للسكنى فى اللوق فى أيام ملكه، وذلك أنه جهّز كشافا من خواصه مع الأمير جمال الدين الرومى السلاحدار، والأمير علاء الدين آق سنقر الناصرى، ليعرف أخبار هولاكو، ومعهم عدة من العرب، فوجدوا بالشام طائفة من التتر مستأمنين، وقد عزموا على قصد السلطان بمصر، فلما وردت الأخبار بذلك إلى مصر، كتب السلطان إلى نواب الشام بإكرامهم، وتجهيز الإقامات لهم، وبعث إليهم بالخلع والإنعامات، وأمر بعمارة دور فى أرض اللوق لإنزالهم فيها، فوصلوا إلى ظاهر القاهرة، وهم ينيفون على ألف فارس بنسائهم وأولادهم فى يوم الخميس الرابع والعشرين من ذى الحجة سنة ستين وستمائة، فخرج السلطان يوم السبت السادس والعشرين منه إلى لقائهم بنفسه، ومعه العساكر، فلم يبق أحد